فواصل

النقد الايجابى وسيلة وغاية الناجحين

لا تلزم الصمت, أملئ الدنيا ضجيجا، مثلي!

ذات يوم سألت صحفي انجليزي متخصص في السيارات بخصوص البرنامج التليفزيوني الأشهر: توب جير، والذي يقدمه الثلاثي جيريمي و ريتشارد و جيمس، حين وجدت العجوز المخضرم جيريمي ينزل بالنقد القبيح اللاذع على سيارة شهيرة.

ذلك أن هذا البرنامج -عادة- لا يشتري كل سيارة حديثة يعد عنها تقريره، بل يعتمد على مصنعي هذه السيارات ليقدموها للبرنامج طواعية من أجل تجربتها.

مقدمى برنامج توب جير

مقدمى برنامج توب جير

سؤالي كان كيف لشركة عريقة أن تعير أحدث طراز لها للبرنامج، فيخرج مقدم البرنامج بنقد أقل ما يقال عنه أنه بذيء، ثم تعود الشركة وتعيرهم المزيد والمزيد من السيارات.

حسنا، واضح أن جيناتي العربية هي التي جعلتني أطرح هذا السؤال، فنحن معاشر العرب – بحكم ميراثنا الطويل – لا نقبل النقد بسهولة، لكن الذي عقد لساني من الدهشة هو رد الصحفي والذي جاء من واقع خبرته كالتالي:

هل تظن أن النقد اللاذع هذا يضر بمبيعات مثل هذه السيارة؟

على العكس، إن الإحصائيات تشير إلى أن كل سيارة تنال نقدا لاذعا (=مبالغا فيه) على شاشة هذا البرنامج تحقق مبيعات كبيرة. إن الناس تحب جيريمي كمقدم، وتبغض آرائه، وتعمل على عكس ما يقوله، ما لم يوضح لهم سبب هجومه على أي سيارة ويثبته لهم.

في عالم الصحافة، المقالة الناجحة هي التي تثير الجدل العلمي المقبول، المترجم في صورة تعليقات ورسائل كثيرة إلى المحرر، وكاتب مثل هذه المقالة يُعتبر من الناجحين.

الجدل هنا ليس المقصود به الجدل حول المسلمات مثل بعض الكتبة الذين يطرحون أسئلة عقيمة مثل ومن قال أن الحجاب فريضة لا سنة، بل الجدل العلمي الإيجابي.

مثل في حالة لو كنت أدعو شخصا ملحدا ينكر وجود الله، وكان غرضي من الكتابة هدايته لا الهجوم الشخصي عليه، لعنونت المقالة هل الله موجود؟

ثم أبدأ في عرض بعض الحقائق من الحياة والمُسَلم بها والمقبولة، مثل لو لم يكن هناك جهة تنظم هذا الكون، فما الذي يمنعني من قتل بقية الناس؟

سيرد من أخاطبه بأن هناك القانون، فأرد عليه وهل رأيت القانون؟ ولماذا وضعه واضعوه؟ وهكذا حتى أجعل القارئ نفسه يقر بضرورة وجود قوة آلهية تنظم هذا الكون وإلا فسد وخرب. هذا هو الجدل العلمي المنطقي الإيجابي البناء الذي أقصده.

التفاؤل – من وجهة نظري – يبدأ من النظرة الكاملة الشاملة وغير المزينة للواقع الحالي. أن أتفهم المشكلة بكل جوانبها هو أول خطوة على طريق حلها وعلاجها.

أنا أدعوكم للتفاؤل، هذا صحيح، لكني لا أدعوكم لإغفال جوانب أساسية من أي مشكلة. التفاؤل هو أن ترى المشكلة بكل وضوح، ثم لا تستجيب لليأس أو الإحباط الذي يهبط عليك بسببها.

بل تنظر بعين متفتحة وذهن متسع كيف يمكن معالجة هذا الأمر، وكيف يمكن تحقيق نجاحات صغيرة، ترتكز عليها لكي تحقق نجاحات أكبر وأكثر.

حكمة اليوم

ما لم تسأل فلن تحصل على شيء. مجرد سؤالك لا يعني أنك ستحصل على هذا الشيء. (اجتهد وأعمل العقل والتفكير حتى تنال ما تريده، لكن أبدا لا تلزم الصمت. أملئ الدنيا ضجيجا، مثلي!)

مصدر المقال مدونة شبايك

مقالات ذات صلة

اضف رد