ياهو شركة رائعة، في كل مرة تعتقد أنها قامت بأسوأ عمل يمكن لشركة القيام به لتدمير نفسها تفاجئك بعمل أسوأ من سابقه بكثير يزيد من إخفاقات الشركة. ظهر آخر إخفاقاتهم عندما طردوا الرئيس التنفيذي للشركة سكوت ثومسون بسبب كذبه بشأن إحدى المؤهلات الدراسية في سيرته الذاتية، ولم يكن قد مضى عليه في منصبه أكثر من أربعة أشهر، وهو الرئيس التنفيذي الخامس للشركة خلال خمس سنوات. يحدث كل هذا بينما توشك أعمال الشركة على الانهيار، فالأرباح التي حققتها ياهو في السنة الماضية أقل مما حققته في عام 2005، وأسهمها في السوق شهدت فشلاً ذريعاً منذ بدأت أزمة شركات الإنترنت في عام 2000.
ماذا بإمكان ياهو فعله لتنقذ نفسها؟ لعلّ أفضل ما يستطيع قادتها عمله هو الاستلهام من شركة آبل التي كانت ميتة قبل 15 سنة من الآن، واستطاعت اليوم أن تصبح الشركة الأعلى قيمة في أسواق العالم. إذاً، ماذا يجب على ياهو أن تتعلم من عودة آبل القوية؟
أحضر قائداً قوياً. كان لدى آبل ستيف جوبز المؤسس الشريك الذي عاد بعد عقدٍ قضاه في منفاه الاختياري. بالنسبة لياهو، مديرها الحالي هو روس ليفنسون لكنه ليس إلا “رئيساً تنفيذياً مؤقتاً”، وهذا لن يساعد ياهو، فهي بحاجة لرئيس تنفيذي دائم، ويفضّل ألا يكون ليفنستون لأنه لا يتمتع بثقل كافٍ في وادي السيليكون.
اعرف مجال عملك. أول عمل قام به جوبز عند عودته هو توضيح ما تنتجه آبل. لهذا الغرض قام بإنهاء معظم المنتجات، وأبقى فقط على جهازَي حاسوب مكتبي، وجهازَي حاسوب نقال. الآن، ما هي ياهو بالضبط؟ منصة انترنت؟ شركة إعلام؟ مؤسسة إخبارية؟ شركة تقنية؟ محرك بحث؟ لا يبدو أن أحداً يعرف ماهيتها.
اعترف بالهزيمة ثم تابع المسير. أقرّت آبل بأنها خسرت معركتها أمام مايكروسوفت في مجال الكمبيوتر الشخصي، و أدركت أنّ عليها ترقّب الموجة التالية الكبرى لركوبها، وكانت تلك الموجة هي الحوسبة المتنقلة Mobile Computing. لتقوم بعد عشر سنوات بتقديم الآيفون للعالم. يجب على ياهو اكتشاف أين سيصبح العالم بعد عشر سنوات من الآن، والبناء على أساسه. معظم المؤشرات حالياً تشير إلى أن المستقبل للهواتف النقالة والخدمات السحابية، لكن ياهو حتى الآن لم تقم بشيء يذكر في هذين المجالين.
كن صبوراً. استلم ستيف جوبز منصبه في عام 1997، لكن إيرادات آبل لم تقفز عالياً حتى عام 2005، ويستذكر موظفو آبل كيف كانت السنوات الأول من مسيرة عودة آبل كئيبة وصعبة على الجميع. بغض النظر عن الاستراتيجية التي ستتبعها ياهو، يجب على رؤسائها وقادتها أن يتحلوا بالشجاعة الكافية لالتزام الطريق الذي يختارون السير فيه.
للأسف لا يبدو أن لدى القائمين على ياهو مثل تلك الاستراتيجية الطويلة الأجل التي أدت إلى إعادة انبعاث آبل. مصدر القوة لدى ياهو الآن هو دان ليوب مدير الصندوق الوقائي hedge-fund manager في الشركة والمستثمر النشط الذي شجع على طرد ثومسون واحتل ثلاثة مقاعد في مجلس إدارة الشركة. قد يصلح ليفنستون في منصب الرئيس التنفيذي، لكن يجب أن تكون الكلمة الفصل في الشركة لدان ليوب. ويبدو أن ليوب يرغب بتقسيم ياهو إلى أجزاء، ثم بيع بعضها حتى يستطيع الانطلاق من جديد ببعض الربح، ومن ثم يبيع ما تبقى منها إلى مايكروسوفت أو إلى أمريكا أونلاين AOL مثلاً.
لا شك أنّ إنهاء ياهو بهذا الشكل أمر محزن، لكن الاستحواذ عليها من شركة أخرى حتى ولو بسعر منخفض سينهي على الأقل هذه الدراما الحزينة.
كاتب المقال هو دان ليون. نُشرت النسخة الإنجليزية من هذا المقال في عدد 28 مايو 2012 في مجلة نيوزويك الأمريكية. وهي متوفرة من الموقع الإلكتروني للمجلة.
والآن ما رأيكم؟ هل لا زال بالإمكان إنقاذ ياهو؟ هل هناك شركات أخرى يمكن لياهو التعلم منها في صراعها للبقاء؟