الترويسات الإعلانية (headlines)
الترويسة هي الإعلان عن الإعلان ، حيث تعلن من خلالها عن مضمون إعلانك أو نشرة مبيعاتك . إن لم تستطع لفت النظر ، بلمح البصر ، عبر ترويسةٍ قويةٍ مؤثّرة ، فكيف ستجعل الآخرين يواصلون القراءة ليطّلعوا على ما في خطاب المبيعات (sales letter) الرائع الذي أعددته ؟
لقد أصدرت على هذا الخطاب حكماً بالإعدام مهما بلغ من القوّة والعنفوان حتى قبل أن يبدأ نشاطه !! ولا عذر لك في ذلك …
بقليلٍ من التدريب ، يستطيع كل فردٍ أن يعدّ ترويساتٍ إعلانيةٍ آسرة دون أن يحتاج في سبيل ذلك لأيّ مهاراتٍ أو عبقرياتٍ خاصة كما يحاول أن يوحي كتّاب النصوص الإعلانية المتخصّصون على الإنترنت .
ما لا يقوله لك أولئك الكتّاب المتخصّصون ، أنهم يقترحون في العادة ما لا يقلّ عن 10 ، 20 ، 50 ، أو حتى 100 ترويسةٍ لكل قطعةٍ إعلانيةٍ صغيرة قبل اعتماد الترويسة المثالية .
فإذا كان هذا حال الكتّاب المحترفون ، فما بالك بحالي وحالك ؟ لا يمكن الوصول إلى أفضل الترويسات وأقواها أثراً من المحاولة الأولى . إطلاقاً . هناك مجهود ذهني كبير وعملية اعتصارٍ للأفكار قبل أن تتوصل إلى الترويسة الفائزة .
تلك هي القاعدة الذهبية في كتابة الترويسات .
ومن القواعد البالغة الأهمية أيضاً في كتابة الترويسات والنصوص الإعلانية الأخرى على حدٍ سواء ، الابتعاد عن المفردات الواسعة المطاطة التي لا تعني للقارئ شيئاً سوى عجز المعلِن عن اكتشاف منافع سلعته وإبرازها .
فكيف له أن يتفاعل مع الإعلان إذا عجز رب البيت عن التفاعل مع سلعته !؟ ماذا بربك تعني عبارات مثل ، أجود الأنواع ، أفضل الخدمات ، أقلّ الأسعار ، أوسع التشكيلات ، أجمل الموديلات ، وما إلى ذلك من هذه الهرطقة . قل له كلاماً محدداً وأرقاماً دقيقة ، وبين له بالضبط لماذا هي أفضل وأجود وأقل وأكبر وأوسع وأصغر وأجمل .
وحتى عندما تكون عباراتك دقيقةً وواضحة ، جرّب دائماً أن تستبدلها بعباراتٍ مغايرة تؤدي نفس المعنى ، أو أن تبدّل من أماكنها ، أو تغيّر من صياغتها ، إلى أن تكتشف أي التركيبات اللغوية تؤدي إلى نتائج أفضل .
لقد وجد أن تعديلاً طفيفاً على ترويسة الإعلان يمكن أن يرفع من نسبة الاستجابة للإعلان حتى عشرين ضعفاً دون إجراء أي تعديلٍ على النصّ في جسم الإعلان . أي أن ترويسةً إعلانية تدرّ (100$) وسطياً من المبيعات ، يمكن أن تتحوّل ، بإجراء تعديلاتٍ طفيفةٍ ناجحةٍ على بعض مفرداتها ، إلى آلة بيعٍ أوتوماتيكية تدرّ (2000$) وسطياً .
دعنا نتعرف الآن على أهم النماذج الشائعة من الترويسات …
الترويسات البسيطة (simple headline)
تشدّد هذه الترويسة على واحدةٍ فقط من أبرز منافع السلعة ويطلق عليها أيضاً اسم ترويسة المنفعة (benefit headline) . مثال ” ضاعف مبيعاتك بنسبة 87% خلال شهرٍ واحد ! ”
المنفعة الكبرى لسلعتك هنا ، والتي تقع على رأس اهتمامات أيّ تاجرٍ ، هي مساهمتها في تطوير مبيعاته . تكمن قوة هذه الترويسة في اختيار مفرداتٍ دقيقةٍ ومحدّدة .
أما الألفاظ العامّة المطاطة فتقلّل من تأثيرها إلى حدٍّ كبير . فالعبارة ” كيف تخفّض من قيمة فاتورة هاتفك ” ، لا تضاهي في قوتها قوة العبارة ” كيف تخفّض 36% من قيمة فاتورة هاتفك خلال أسبوع ” …
- أتدري لماذا ؟
لأنّ القارئ في الحالة الأولى لا يرى في هذا الكلام سوى مفردات إعلانيّة عامّة تهدف فقط إلى استثارة فضوله . أما في الحالة الثانية ، فيرى أنّ هذا الكلام قد يكون قريباً جداً من الواقع ، ويبدو أيضاً أنه يتمتع بمصداقية.
فالمعلِن يتحدث بدقة عن زمن ومقدار التخفيض ، مما يوحي أنه توصّل إلى النتائج بناءً على عملياتٍ حسابية أجراها … وإلا لما أطلق هذه التصريحات ! هذا النوع من الترويسات واحد من أفضل النماذج ، وهو سهل التشكيل ، ويتمتع رغم ذلك بفاعليّةٍ كبيرة .
ترويسة الـ كيف تـ how to …
تعمل هذه الترويسة بصورةٍ ممتازة مع المنتجات المعلوماتية على وجه الخصوص ، وتنطبق عليها كافة الملاحظات الواردة في الترويسة البسيطة .
مثال : ” كيف تخفض تكاليف إنتاجك بنسبة 29،7% ابتداءً من اليوم ”
ترويسة التخفيضات (discount headline)
كما يشير الاسم ، يستخدم هذا النوع من الترويسات للإعلان عن تخفيضاتٍ على الأسعار . لكي تطلق سحر هذه الترويسة إلى مداه الأقصى ، أخبر الطرف الآخر عن طبيعة التخفيضات التي تجريها ، ولماذا تجريها ، واخلق لديه الانطباع بضيق الفرصة المتاحة ووجود خطٍ أحمر ينتهي عنده هذا التخفيض .
مثال : ” لاختباراتٍ تسويقية بحتة ، يمكنك الآن الحصول على منتجنا (x) بسعر 120$ بدلاً من 280$ . يسري العرض حتى نفاذ الكمية ” ، أو يمكن القول ، ” …. يسري العرض على أول خمسين مشترياً فقط ” .
ترويسة الخبر (news headline)
تصلح هذه الترويسة للإعلان عن شأنٍ إخباري كإطلاق منتجٍ جديد أو إنشاء نظامٍ مبتكر لأداء أمرٍ ما .
مثال : ” ثورة في عالم الـ (x) . ابتكار جديد يوفّر 32% من وقود سيارتك …….. ”
ترويسة الضمان (guarantee headline)
لربما كانت ترويسة الضمان أقوى نماذج الترويسات على الإنترنت حيث مازال الشكّ في الطرف الآخر والخوف من الاحتيال يشكل هاجساً لدى معظم المستخدمين .
مثال ” برسم اشتراكٍ قدره 50$ فقط يمكنك أن تكسب معنا لغاية 14$ يومياً . ضمان 100% لمدة شهر كامل يمكنك خلاله استعادة كامل المبلغ !!! ”
ترويسة الثناء (testimonial headline)
إذا وجدت بين رسائل الثناء التي تأتيك من العملاء ، نصّاً قوياً ومؤثّراً يبرز أهمّ مزايا منتجك ، يمكنك استخدام بعض عباراته في ترويساتك الإعلانية .
ولكي تعطي عباراتك مصداقيةً أكبر ، يفضّل ذكر اسم الشخص (مرسل الثناء) ومكان إقامته ومركزه المهني إذا استطعت ، حتى يعرف القارئ أنك لا تختلق الأمر اختلاقاً .
مثال : ” ساعدَنا برنامجكم المطوّر على زيادة عمليات الكشف على المرضى من 90 إلى 130 مريضاً يومياً دون تكاليف إضافية ” د. فلان ، جراح عيون من مشفى كذا ، حلب ”
ترويسة السؤال (question headline)
يعتبر هذا النموذج هو الآخر واحداً من النماذج القوية التي تحفّز ذهن المتلقّي وتثير فضوله لمعرفة ما في جعبتك من القول .
مثال : ” هل عرفتَ كيف يحقق أشخاص عاديون إيراداتٍ غير عادية على الإنترنت ؟ ”
ترويسة المعاناة (problem headline)
وهي أيضاً واحدة من الترويسات المؤثرة لأنها تمسّ معاناة القارئ مباشرةً وتضع الإصبع في موضع الألم .
مثال : ” إن كنت تلهث وراء متطلبات أسرتك وبالكاد تستطيع تأمينها يمكننا مساعدتك ”
تلك أهم ثمانية نماذج من الترويسات … لكنّ ترويسة الترويسات ، هي تلك التي تعتمد على جهدك الشخصي في خلق نموذجٍ جديدٍ يمزج
مجموعةً من النماذج السابقة في قالبٍ واحد … كأن تمزج بين ترويسة المنفعة والضمان والسؤال والمعاناة ، معاً في عبارةٍ واحدة ، للوصول إلى أقوى أثرٍ ممكن .
ترويسة الإعلان هي الإعلان عن الإعلان . هي بوابة القارئ للدخول إلى باقي النصّ . وليس أمامك سوى ثوانٍ معدودة ، فإما أن تشدّ انتباهه وتجبره ليكمل ما تبقى من النصّ ، أو ينصرف كأن لم يرى شيئاً .
إذا كان عليّ أن أجزّئ لك الوقت الذي تقضيه في التحضير لإعلانك فسأجزّئه كما يلي :
- 20 % في التقصّي والأبحاث
- 30 % في صياغة نصّ الإعلان
- 50 % في صياغة ترويسة الإعلان … إنها بهذا القدر من الأهمية !!!
صياغة النصوص الإعلانية وعلى رأسها الترويسات ، ليست فناً سحرياً لا يتقنه إلا قلّة من البشر ، بل مهارة يمكن اكتسابها بالمعرفة والتدريب . الأمر لا يأتي اعتباطاً ، وإنما يحتاج إلى الكثير من الجهد والتركيز والتدبير واعتصار الفكر .
كلّما وضعت مزيداً من الأفكار والاقتراحاتٍ ، كلّما حصلت على نتائج أكثر فتنةً وأبلغ أثراً في السيطرة على ذهن المتلقّي … خصوصاً إذا ابتعدت عن العشوائية والارتجال ، واتّبعت القواعد اللازمة …
عن كتاب من القاع للأصقاع