نصائح نورم برودسكي لكل من يفكر بتبنى سياسات البيع بأسعار منخفضة مع هامش ربح ضئيل..
_ نورم برودسكي رجل عصامي أمريكي نيويوركي، له باع طويل جدا (30 سنة) مع النجاح والفشل في مجال الأعمال التجارية، بثروة حالية تقارب 110 مليون دولار، وهو كاتب له عامود منتظم في مجلة .Inc الأمريكية التي تعني بالناجحين من رجال الأعمال.
لا تخفض سعر بيع غير المستغل
على سبيل المثال، حين يكون لك مساحة غير مستغلة في مخزنك، ستجد نفسك مدفوعا لأن تعرض تأجيرها لعملائك بسعر رخيص جدا.
مثال آخر، لنقل أنك تؤجر أسطول سيارات نقل وشحن، في بعض فترات العام لا يعمل هذا الأسطول بكل سعته، فتندفع لتقدم سعرا متدنيا للغاية لكي تصل إلى أقصى درجة استغلال لكل مواردك، فهذا هو الهدف الأكبر لكل نشاط تجاري، لا شك في ذلك. لا تفعل.
في سياق كتابه The Knackيقول مؤلفه نورم برودسكي أن لديه 4 أسباب تبرر عدم استغلال السعة غير المستغلة في ممتلكات شركتك عبر تخفيض سعرها.
نعم، في بعض الحالات القليلة سيكون قرار مثل هذا مبررا، لكن في بقية الحالات العامة والمعتادة والمتكررة، سيكون لقرار مثل هذا عواقب غير محمودة (هذا المثال ليس مقصودا فيه البيع المباشر للمشتري النهائي، مثل المطاعم وغيرها، المقصود به تعامل الشركات مع بعضها).
- دعنا نقرأ أسباب نورم:
1. تكلفة رأس المال
في كل مرة تقوم بها بعملية بيع، فأنت فعليا تقـرض عميلك حتى يسدد فعليا مقابل ما اشتراه. في عالم الأعمال، تبيع الشركة، ولا تقبض ثمن ما باعته إلا بعد شهر أو اثنين أو ثلاثة. فعليا أنت تحبس مالك عن متاجرتك به حتى يعود إليك من هذا المشتري، مع الأخذ في الاعتبار خطر عدم قبضك لهذا المقابل لأي سبب كان.
في مقابل كل هذه المخاطر والتكاليف، يجب أن تحقق هامش ربح كبير وكافي يبرر هذه المخاطرة والتكلفة، ليكون صافي الربح المتحقق منها كافيا لكي تتمكن من الاستمرار في مجال تجارتك. هذه الطريقة في التفكير وإدارة المبيعات ذات أهمية حيوية وقصوى، ومن يهملها سيحكي لك عن أهميتها بعدما خسر تجارته وخرج منها.
2. تكلفة الفرصة الضائعة
لنقل أنك خفضت سعر تأجير أسطول شاحنات النقل لديك، ونجحت في استغلال كل طاقة متوفرة لديك بسعر قليل، ثم جاءك عميل جيد يدفع سعرا مرتفعا للحصول على خدماتك، فاعتذرت له ورددته خائبا، سيذهب إلى غيرك وربما لن يعود، أو سيعرف عن أسعارك المنخفضة ولن يدفع مثل ذي قبل.
3. أنت منافس جديد ضدك
حين تخفض أسعارك، فأنت فعليا تصنع منافسا جديدا لك، وهو أنت! من دخل معترك التجارة سيقول لك أن الأسعار ستصل بشكل تلقائي إلى أدنى سعر لها (في حالة المنافسة الحرة وانعدام الاحتكار). أي أن طبيعة الأسعار أن تهبط لأدنى مستوى ممكن لها، بسبب دخول منافسين جدد في السوق يقدمون أسعارا أقل.
(مثلما حدث في مصر مثلا حين دخلت شركة اتصالات الإماراتية إلى سوق الاتصالات النقالة ففضحت احتكار مزودي الخدمة الآخرين وتلاعبهما بالأسعار لمصلحتهما، فهبطت أسعار خدمات جميع مزودي الاتصالات في مصر إلى أدنى مستوى.
ومن المتوقع هبوطها أكثر إذا دخل مزود رابع وبقي السوق حرا دون تدخل حكومي أو اتفاق مزودي الخدمة على رفع الأسعار معا). حين تخفض سعرك، فأنت فعليا تجعل من المستحيل بمكان العودة إلى مستويات أسعارك السابقة والتي كانت تحقق لك هامش ربح أكبر وأريح.
4. ستخسر العملاء الجيدين
حين تخفض أسعارك، فأنت فعليا تطرد العملاء الذين كانوا يدفعون أسعارك المرتفعة والمريحة. أي شركة ناشئة تحتاج إلى عملاء جيدين، يقبلون دفع أسعار مرتفعة للحصول على خدمات متميزة. هامش الربح المتدني يجعل أي شركة ناشئة معرضة للخسارة المؤلمة بشكل كبير ولأي سبب طارئ.
هامش الربح المرتفع يحقق لك مساحة حماية ضد تقلبات تجارتك. حين يعرف عملاؤك بأسعارك المنخفضة، سينظرون إليك على أنك خائن ومستغل، ولن يقبلوا التعامل معك ما لم تعوضهم عما سبق ودفعوه لك من قبل، وحتى ساعتها لا يمكن أن تضمن ولائهم لك، ولا أسوأ من عميل جيد تحول إلى ناقم عليك.
قبل أن تعلنوا الثورة على محدثكم، يقول المؤلف أن هناك حالات قليلة يمكن فيها تخفيض أسعارك، لكن مقابل شروط يقبلها عملاؤك الجيدون.
- من أمثلة هذه الشروط
تقديم سعر متدن للغاية فقط في أول سنتين من تقديم الخدمة، في مقابل توقيع عقد خدمة مدته 10 سنوات وفيه شروط جزائية لمن ينهيه قبل موعده.
كذلك حين تكون بحاجة ماسة للمال وللنقد، فتقدم سعرا منخفضا مقابل الحصول على المال الآن، وهذه حالة خاصة غير متكررة يفهمها العملاء المخضرمون.
إذا طلب عميل معاملة بالمثل، فستطلب منه توقيع عقد مماثل، أو الدفع الآن نقدا، وهي طلبات منطقية ومقبولة ومفهومة، لا مجال للتنازل عنها.
هناك بدائل كثيرة عن خفض السعر، مثل تقديم قيمة إضافية لسعرك الثابت تختلف باختلاف كل عميل (مثل هدية أو شهر خدمة مجاني)، لكن في مقابل شروط خاصة وملزمة حتى لا يطلب جميع العملاء هذه المزايا بشكل أساس وبدون زيادة في السعر فتخسر وينخفض ربحك.
المشكلة في عالم التجارة العربية اليوم أن الكل يقلد ولا يفكر ويتدبر. إذا خفضت سعرك مثل المنافس، وقدمت هدايا إضافية مثله، فإذا خسر المنافس فستخسر مثله.
ما يحدث فعليا في المنافسة العربية هو أن المنافس يطعن نفسه بخنجر ويترك دمه ينزف، فتجد بقية المنافسين من يطعن نفسه بسيف أو بساطور أو بمنشار آلي وينزفون مثله، وكلهم يدعو الله أن يطيل في أجله وأن ينزف أكثر من غيره، ولا عقل أو حكمة تبرر هذا.
إذا حدث وخفضت سعرك، فيجب أن يكون لديك مبرر قوي يقبله عملاؤك الجيدون. لا تجعل عملائك يعتادوا السعر المتدني ذي هامش الربح الضئيل. عليك أن تتعلم رفض بيع خدماتك ومنتجاتك بثمن بخس.
التجارة الناجحة تعني تحقيق أرباح فعلية، لا أرقام مبيعات كبيرة. تعلم متى يجب أن تقول: لا، آسف، لا أقبل، أنا أرفض البيع بهذا السعر…
مصدر المقال مدونة شبايك