أود أن أبدأ حديثي بتوضيح أني في السطور التالية سأقدم لقارئي نوعا من أنواع التسويق الكثيرة، ويسمونه العلاقات العامة أو Public Relations.
هذا التقديم سيكون موجها لمن أسس شركته ويريد الحصول على بعض الاهتمام الإعلامي، وعليه فأوضح أني لا أؤسس لعلم العلاقات العامة، ولهذا ستغيب أشياء كثيرة من هذا العلم الأكاديمي في حديثي.
العلاقات العامة هي وسيلة لتوصيل الرسالة التسويقية والإعلانية للشركة دون دفع مقابل مالي، مثل إرسال الأخبار الصحفية لوسائل الإعلام لنشرها عن طريقها، والمقابلات الإذاعية في محطات الراديو، والتليفزيونية في القنوات الأرضية والفضائية، والمحاضرات والندوات المقامة إلى جانب فعاليات المعارض التجارية والعلمية، وغيرها.
لكن أهم عيب في العلاقات العامة هو أنه لا يمكن التحكم في مضمون الرسالة المنقولة أو في توقيت وصولها أو حتى نشرها من عدمه.
دعونا نشرح الأمر ببساطة شديدة. أنت صاحب شركة ناشئة. لديك منتج تنتجه أو خدمة تقدمها. تريد تعريف الناس – خاصة الشريحة المستعدة لشراء هذا المنتج أو الخدمة – بأنك تبيع هذا المنتج وتقدم هذه الخدمة. تحقيق ذلك ممكن عبر الإعلان المدفوع، وكذلك عبر التواصل مع وسائل الإعلام، بكل صورها.
قواعد اللعبة:
1- هناك مشكلة كبيرة ومستعصية ومتكررة تواجه كل جريدة وكل مجلة وقناة تليفزيونية ومدونة إخبارية، ألا وهي ملء الصفحات، وشغل ساعات البث، وكتابة أخبار جديدة بشكل سريع. وقت الصحفي والإعلامي محدود. ساعات العمل اليومية لا تكفي لملء حصته المطلوبة، وقد يستغرق تحري خبر واحد والتأكد من صحة ما فيه عدة أيام – إن لم يكن أسابيع.
2- في الماضي، كان الهدف من وسائل الإعلام مقسما ما بين 50% رغبة في نشر الثقافة، و50% رغبة في التربح. اليوم، أصبحت النسبة 150% من أجل التربح، وإن بقي شيء فلا مانع من نشر الثقافة. كلما وجدت أحدهم ينكر هذه النسبة بشدة وعنف، ويزعم عكس ذلك، فاعلم أنها في حالته تزيد عن 150%. بدون عوائد إعلانات وبدون اشتراكات قراء، ستغلق أي مؤسسة إعلامية أبوابها لعدم تحقق عائد وربح.
مما سبق نعرف أن أي صحفي بحاجة لأي خبر معتبر ينشره، لكن إدارة أي وسيلة إعلامية لا تريد نشر دعايات وإعلانات بدون مقابل (=خسارة). العلاقات العامة تقدم الحل الذي يحقق هذين الشرطين، في صورة الخبر المستحق للنشر، المقدم للصحفي والإعلامي في مكان عمله وعلى بريده الإلكتروني.
ماذا ستستفيد منها؟
دعنا نأخذ مثالا : شركة نوكيا الخليج في دبي تدعو بشكل دوري الصحفيين إلى مؤتمر صحفي كلما أطلقت في السوق العربية هاتفا نقالا جديدا من الهواتف ذات الأهمية بالنسبة لها.
شركة العلاقات العامة المتعاقدة مع نوكيا دبي تدعو الصحفيين (خاصة العاملين في الإمارات) لحضور هذا المؤتمر. يحضر الصحفيون ويخرج عليهم رجل نوكيا الأنيق ليعدد مزايا الهاتف، وكيف أن العالم سينتهي إن لم يستعمل الكل هذا الهاتف الرهيب.
تأتي بعدها جولة من الأسئلة ثم فرصة لتجربة الهاتف ثم طعام خفيف والسلام. بعدها ترسل شركة العلاقات العامة الخبر الصحفي الملخص لهذا المؤتمر إلى كل الصحفيين المهتمين بالهواتف والأعمال، داخل وخارج الإمارات.
يرجع الصحفيون ليكتبوا عما تذكروه من مزايا الهاتف، وإذا كان رجل نوكيا الأنيق من الحكمة، فسيذكر بعض أرقام المبيعات والأرباح في ثنايا كلامه، فالأرقام أكثر جزئية تهم الصحفيين. كلما كان المؤتمر الصحفي حاويا لأخبار مهمة، كلما كانت مساحة التغطية كبيرة وفي مكان واضح.
إلى اليوم، يسعد كل عميل لشركة علاقات عامة بزيادة عدد الأخبار الصحفية المنشورة عنه، ولو كانت في مجلات الأطفال. رغم أن الزمن الحالي زمن انترنت، لا يزال الخبر المنشور أكثر أهمية بكثير في نظر العملاء، الذين يحبون كل ما هو ملموس ومنظور ومحسوس.
الفائدة الفعلية:
الوصول إلى عميلك المحتمل أمر صعب، فأنت لا تدري مكان هذا العميل بدقة كبيرة، ولا يعرف أحد ما الذي جعل عميل ما يختار سيارة هيونداي ليشتريها، وهل إذا عدنا بالزمن للوراء، هل سيتخذ هذا العميل القرار ذاته أم لا.
الأمر ذاته يتحقق مع كل مشتري يدخل إلى مول ما ويخرج محملا بأكياس كثيرة، فهو لا يعرف على وجه الدقة لماذا اشترى ما اشتراه، وهل يحتاجه فعلا؟ ولماذا اختار هذا دون ذاك؟
أي أن فائدة العلاقات العامة بالأكثر هي تذكير الناس كلهم بك. كلمة ‘تذكير’ هنا إنما جاءت للدلالة على أن مرحلة العلاقات العامة تأتي بالأكثر بعد بذل مجهود تسويقي (ولو بسيط) للتعريف بشركتك ومنتجاتك وخدماتك.
كلمة ‘كلهم’ تفيد أن أفضل حل عملي – وقليل التكلفة – هو الوصول لأكبر قدر ممكن من العملاء. حل قد يبدو غير دقيق، لكن للدقة ثمنها!
هل هذه المقالة تذكر كل أنشطة العلاقات العامة الممكنة؟ بالطبع لا. هذه المقالة التمهيدية الغرض منها تعريف صاحب الشركة الناشئة ببعض الأنشطة الممكن القيام بها للتسويق لشركته، وللتعرف على بعض خدمات العلاقات العامة، والتي يمكنه القيام بها بنفسه، أو الاستعانة بشركة علاقات عامة لتؤدها نيابة عنه.
وللحديث بقية طويلة جدا…………….