نكمل اليوم مع الجزء الأخير من مقالة بول جراهام…
المستثمرون هم ما يشكلون المشكلة الأكبر، فالشركات الناشئة عادة ما تحتاج إلى ممولين من خارجها، ويميل المستثمرون للتريث وعدم الاستثمار في أوقات الأزمات الاقتصادية. يعرف الجميع القاعدة التي تقول أنه عليك أن تشتري في الأوقات السيئة، وتبيع في الأوقات الجيدة.
لكن تفعيل هذه القاعدة ليس بالأمر السهل. في عام 1999 كان المستثمرون يدهسون بعضهم في عجلتهم لوضع نقودهم في أي شركة ناشئة، لكن في 2010 ستجدهم متقاعسين عن الاستثمار في شركات تبشر بالخير.
عليك أن تتواءم مع هذا الإحجام، فالشركات الناشئة عادة ما تواكب رغبات المستثمرين، فقط سل أي مؤسس لشركة جديدة كيف عثر على المال اللازم لتأسيس شركته، ففي العام الماضي كان على هذا المؤسس الإجابة على السؤال كيف ستنجح شركته وتنتشر مثل الفيروس، في العام المقبل سيتعين على كل مؤسس شركة ويبحث عن تمويل أن يشرح كيف ستقاوم شركته الكساد.
لكي تجعل شركتك مقاومة لآثار الكساد السلبية، ليس أمامك سوى أن تجعل مصاريف تشغيل شركتك عند أقل مستوى ممكن. لسنوات عدة وأنا أقول للمؤسسين الجدد، طريق النجاح الأكيد هو أن تكونوا مثل الصراصير في عالم المؤسسات الكبيرة.
السبب الأول والدائم لإفلاس ونهاية الشركات الناشئة هو نفاد المال لديها. كلما كانت الشركة الناشئة تعمل بأقل تكاليف ممكنة، كلما كان من الصعب القضاء عليها. لحسن الحظ، أصبح الآن بالإمكان تأسيس شركة جديدة وتشغيلها بتكلفة رخيصة، خاصة في وقت الكساد، والذي يسمح لك بالمزيد من التوفير.
إذا حدث وحل علينا الشتاء النووي (كناية عن الدمار الاقتصادي) فمن الأسلم أن تكون صرصارا، ولعله أسلم لك من حتى الاحتفاظ بوظيفتك. سيتناقص العملاء الواحد تلو الآخر، لكنهم لن يختفوا كلهم في وقت واحد، فالأسواق لا تفعل ذلك (لا تختفي فجأة).
ماذا لو استقلت من وظيفتك وأسست شركتك ثم أفلست هذه الشركة ولم تتمكن من العثور على وظيفة بديلة؟ هذه ستكون مشكلة إذا كنت تعمل في مجال المبيعات أو التسويق، الشيء الذي قد يجعلك تنتظر لشهور حتى تعثر على وظيفة أخرى في اقتصاد كاسد.
على الجهة الأخرى، عادة ما يتمكن العاملون في مجال تقنية المعلومات الجيدون من العثور على وظيفة أو أخرى، قد لا تكون الوظيفة التي يحلمون بها، لكنها ستمنع عنهم الجوع.
الميزة الأخرى للأوقات الصعبة قلة المنافسة، فقطارات التقنية تقلع في مواعيد منتظمة، فإذا وجدت الجميع فئرانا مذعورة تختبئ على شاطئ الأمان، ربما وجدت نفسك تجلس مستمتعا بعربة قطار كلها لك وحدك.
أنت أيضا من المستثمرين، فكمؤسس، أنت تشتري أسهما في شركتك بعملك فيها، فكما نعرف جميعا الثنائي لاري و سيرجي (مؤسسا شركة جوجل)، فهما لم يغتنيا من الاستثمار في ملايين الدولارات، بل استثمرا في شراء أسهم شركتهما حين كان الوقت صعبا والسعر متدنيا. (كناية عن بداية شركتهما حين كان سعر سهم شركتهم رخيصا).
هل هززت رأسك موافقا وأنت تقرأ الفقرة التي تحدثت عن عدم صحة إحجام المستثمرين عن الشراء والتمويل في الأوقات الصعبة؟ حسنا،
مؤسسو الشركات ليسوا أفضل حالا منهم، فعندما تسوء الأمور وتكسد الاقتصادات، تجدهم يعودون إلى المدرسة، وبلا شك هذا الإحجام سيتكرر خلال الأزمة الحالية، وخير دليل أن كثير من قراء هذه الفقرة سيتفقون معها، لكن القلة القليلة جدا هي من ستعمل بما جاء في هذه الفقرة!
وعليه، فلعله من الأوقات المناسبة تأسيس شركة جديدة في أوقات الكساد، ومن الصعب الجزم هل قلة / انعدام المنافسة أمر إيجابي من القوة بحيث يتفوق على إحجام المستثمرين عن تمويل الشركات الناشئة أم لا.
لكن الأمر لا يهم على كلا الوجهين، فما يهم فعلا هو الناس أنفسهم، وبالنسبة إلى بعض العاملين في المجال التقني، وقت اتخاذ القرار هو الآن.
هنا حيث سكت بول، ويبقى السؤال، ما رأيك في كلامه؟
تابع الجزء الأول من المقال