تسمع كل يوم من يشدد على ضرورة امتلاك كل فرد منا خطة تسويقية، فما هي هذه الخطة، وما السبيل لوضعها. لست أستاذا أكاديميا، لذا سأصوغها لك بطريقة شديدة البساطة، تجعلك تنتهي من القراءة وأنت صاحب خطة تسويقية فعالة. هذه الخطوات مقتبسة بتصرف من مقالة كتبها ديفيد فري في موقعه Marketingbestpractices.com
الخطوة الأولى: افهم سوقك ومنافسك
يغلب على بعضنا التقليد، فما أن تسمع أن محمد وفهد وبدر قد حققوا نجاحا في عملهم، حتى تجد شباب المدينة وقد تحولوا ليعملوا في ذات المجال والنشاط. هذه السياسة تذكرني بقطعان الأغنام، وهي لا تجدي في عالم الأعمال.
عليك أن تنظر لبعيد، وأن تحاول فهم توجهات السوق الذي اخترت العمل فيه. كذلك، لا يكفي أن هواتف نوكيا مطلوبة من الجميع، لكي تقرر أن تفتح محلا لبيع الهواتف.
عليك معرفة ما الذي يريده السوق وليس فقط ما يحتاجه. قد تجد سوقا فقيرا، لكن كل من فيه يريدون شراء هواتف غالية الثمن – هم لا يحتاجونها فعلا، لكنهم مستعدون لشرائها، وهذه النقطة غاية في الأهمية – فالأسواق لا تتبع المنطق العقلاني في كثير من الأحيان.
الإجابة عن بعض الأمثلة التالية من الأسئلة ستساعدك أكثر على فهم السوق الذي ستعمل فيه:
- هل هناك قطاعات في السوق غير مخدومة بشكل كاف؟
- هل هناك فرصة كافية لتحقيق ربح كاف من بيع منتجك / خدمتك في السوق؟
- ما النصيب اللازم شغله من السوق حتى تعادل عوائدك مصاريفك؟
- هل هناك منافسة زائدة عن الحد في قطاعك من السوق؟
- ما هي نقاط ضعف منافسيك والتي يمكنك تحويلها إلى نقاط قوة لديك؟
- هل السوق يريد أو يقدّر عروضك الخاصة التي يمكنك تقديمها؟
الخطوة الثانية: افهم عميلك
مرة أخرى، لا تخلط ما بين الحاجات والرغبات، فحين يرغب السمين في وجبة دسمة، فهذه ليست حاجة، وحين يرغب صاحب سيارة فارهة في سيارة أكثر رفاهية، فهذه ليست حاجة بل رغبة. كم مرة سمعت عن صديق ذهب لشراء شيء محدد، فعاد وقد اشترى أشياء أخرى كثيرة، ربما دون أن يشتري ما ذهب لشرائه في البداية.
الناس لا يشترون دائما ما يحتاجونه، لكنهم سيشترون دائما ما يريدون ويرغبون فيه، حتى ولو لم يكن لديهم المال اللازم للشراء.
لتفهم عملائك، عليك أن تسأل نفسك:
- كيف يحصل العملاء المحتملون على المنتجات المشابهة لما تبيعه (من المتجر، انترنت، أصدقاء…)
- من هو المشتري الأول، ومن هو العنصر المؤثر في قرار الشراء (الزوجة، الابن، رجل المبيعات، المدير…)
- ما هي عادات العملاء المحتملين، ومن أين يحصلون على معلوماتهم (جريدة، مجلة، تليفزيون، انترنت..)
- ما هي دوافع ومحفزات العملاء للشراء (التفاخر، تجنب الألم، المظهر الخارجي…)
الخطوة الثالثة: اختر الطبقة الغنية Niche
إذا قلت أنك تستهدف الجميع ليكونوا عملائك، فما ستحصل عليه هو لا شيء. أصبح السوق الآن متخما بشتى أشكال المنافسة، وإن لم تتميز، فلن يميزك أحد. ابحث عن قطاع غني من السوق، واعمل على أن تكون ملِك هذا القطاع. بعدما تنجح تماما في هذه الخطوة، يمكنك تكرارها، والانتقال لتتحكم في قطاع غني آخر.
اختيارك هذا لا يجدي ما لم تكن مهيئا للتعامل مع القطاع الغني الذي تستهدفه، فإن لم تكن ملك الأناقة، فلا تفكر في بيع منتجات برادا ودانهيل، لأنك لن تقنع هذا القطاع بأن يسمع منك.
الخطوة الرابعة: طور رسالة تسويقية واضحة
يجب لكلمات معدودة أن تشرح بسهولة ما الذي تبيعه، وتقنع العميل المحتمل بالشراء. رسالة مشروب سفن أب (يا لذيذ يا رايق) تفيدك أن المشروب سيعطيك اللذة وسيعطيك البال الرائق، فقط عن طريق شرب (الكانة) أو الزجاجة. ابحث لنفسك عن رسالة مشابهة.
لا يقف الأمر هنا، إذ يجب أن يكون لديك رسالتين: الأولى سهلة بسيطة قصيرة. الثانية ستكون طويلة رزينة تشرح كل ما تفعله في تجارتك. تبدأ فتشرح المشاكل التي يحلها منتجك، ثم تؤكد أن منتجك فعلا يحل هذه المشاكل، ثم تشرح لماذا أنت بالذات من يستطيع حل المشكلة دون غيرك، ثم تضرب أمثلة من الواقع لعملاء سعداء راضين عن مستوى خدمتك، ثم تشرح شرائح أسعارك وشروط الدفع، ثم تشرح سياسة الضمان لديك.
الخطوة الخامسة: حدد وسائلك التسويقية
إذا كنت لا تزال تذكر الخطوة الثالثة، حين قلنا اختر الطبقة الغنية التي يمكنك الوصول إليها بسهولة، فعليك تحديد الوسائل المحتملة للوصول إلى هذه الطبقة المستهدفة.
وسيلتك للتسويق هي الغلاف الخارجي الذي يزين رسالتك التسويقية، وعليك بالطبع اختيار الوسيلة التي ستحقق لك أفضل العوائد، الوسيلة التي تصل لأكبر عدد محتمل من العملاء المحتملين، بأقل تكلفة ممكنة.
هذه الوسائل قد تكون:
إعلانات الجرائد / المجلات / القنوات التليفزيونية / محطات الراديو
الدعايات الورقية / إعلانات الشوارع / اليافطات
المسابقات / الإعلانات المبوبة / الحملات الخيرية
المعارض / الصفحات الصفراء /مقالات الجرائد والمجلات
الذكاء يقتضي أن تعرف أفضل وسيلة تروق للطبقة الغنية التي تستهدفها، فلا فائدة تعود عليك من استخدام وسيلة لا تصل إلى الفئة التي تستهدفها وتريدها.
الخطوة السادسة: حدد أهدافا للمبيعات وللتسويق
عليك تحديد هدف تسعى إليه، واضح بشدة، للجميع، صغيرهم وكبيرهم، هذا الهدف مكتوب بلغة سهلة ومفهومة، يمكن الوصول إليه بسهولة شديدة. هذا الهدف يجب أن يكون قابلا للتحقق، قابلا للقياس، ومقرونا بزمن يجب تنفيذه خلاله.
على أهدافك أن تتضمن أرقاما مالية، مثل عوائد مبيعات سنوية، أو متوسط مبيعات لكل فرد في فريق المبيعات – بالإضافة إلى تضمن أرقام غير مالية، مثل عدد وحدات مباعة، عقود موقعة، عملاء جدد، مقالات منشورة…
ما أن تحدد أهدافك، عليك أن تضعها في صورة خطوات، وتعرضها على فريق العمل، وتشرح لكل عضو دوره في تحقيق هذا الهدف، وأن تنشر هذه الأهداف في أماكن العمل، حتى يعرفها جميع العاملين.
الخطوة السابعة: خصص ميزانية للتسويق
هنا حيث ستختلف معي، فالظن السائد أن التسويق قسم لا فائدة منه، وهو أول قسم تقطع رقبته عند الحاجة لضغط النفقات. الذكاء هو أن تحدد النسبة الأمثل من ميزانيتك العامة لتخصصها للتسويق، فالتجارة الناشئة عليها الدعاية لنفسها حتى يعرفها الناس، بينما التجارة التي مر عليها الوقت ورسخت أقدامها لن تنفق ذات النسبة. من سيطرح منتجا جديدا عليه أن ينشر هذا المنتج في كل مكان، وهكذا.
عليك أولا حساب تكلفة الحصول على عميل جديد، أو تكلفة بيع منتج واحد، عن طريق قسمة نفقات الدعاية والتسويق الإجمالية السنوية على عدد الوحدات المباعة. خذ هذا الرقم واضربه في الهدف المرجو الذي تريد تحقيقه (عدد الوحدات التي تريد بيعها، عدد العملاء الجدد) وستحصل من الناتج على رقم يفيدك في معرفة ما يجب عليك تخصيصه لقسم التسويق.
قبل أن تنطلق لتضع أول خطة تسويقية لك، تذكر أن ما قلناه هنا هو نذر يسير من كثير، وأن هناك طرق لا حصر لها لوضع الخطط التسويقية، لكن الأبسط هو الأفضل – دائما.