عودة إلى قوانين إشهار العلامة التجارية، حيث أثار قانون الامتدادات Extensions بعض التساؤلات الجميلة التي حاولت الإجابة عليها هنا.
بداية يقول القانون أن أسهل طريقة لتدمير شهرة علامة تجارية هو أن تضع اسمها على كل شيء، وأثارت هذه الفقرة تحديدا العديد من الأسئلة:
- هل طرح أقراص أسبرين اكسترا يعني أن أقراص أسبرين العادية ضعيفة قليلة التأثير؟
- هل طرح مشروب كولا دايت يعني أن مشروب كولا العادي مضر بالصحة ويؤدي للسمنة وأمراضها؟
- هل طرح علب زبادي قليل وعديم الدسم يعني أن كامل الدسم خطر على صحة الناس ويزيد من ارتفاع الكولسترول في الدم؟
دعونا نوضح مقصد هذا القانون عن طريق أخذ مثال بشركة المراعي صاحبة الباع الطويل في منتجات الألبان، وهي لها في السوق العديد من أنواع الزبادي، فهي توفر الزبادي كامل الدسم ثم قليل الدسم ثم منزوع الدسم.
دعنا نفترض اليوم أن مدير المبيعات في شركة المراعي فكر في زيادة الأرباح عبر طرح المزيد من منتجات الزبادي، فطرح زبادي ثلث دسم، وثلثي دسم، وزبادي بطعم الليمون والفراولة والبرتقال والبطيخ والتوت الأسود.
التوقع المبدئي، النظري والأكاديمي، المبني على الافتراض لا الواقع، سيقول أن العملاء سيجدون أمامهم المزيد من منتجات المراعي، وربما دفعهم الفضول لتجربة منتج واثنين وثلاثة، مما يزيد الأرباح في النهاية.
عند الاختبار الفعلي، وكما تعلمنا من دراسات تسويقية ميدانية سابقة، ما يحدث هو أن المشتري العادي يذهب إلى السوق، فيجد 40 منتج يحمل اسم المراعي.
فيقف مشدوها، ويبدأ عقله يعمل بسرعة، فهو تعب في ماله الذي سينفقه من جهة، ومن جهة أخرى لا يريد أن يبدو غبيا أو ساذجا، فالوجاهة الاجتماعية تلعب دورها، فلا أحد يريد أن يجلس مع أصدقائه ليجدهم يتندرون عليه لأنه وقع في فخ شراء منتج سيء السمعة.
ما يحدث فعليا هو أن المستهلك يذهب للسوق ليجد أمامه غابة من الخيارات، فيجد عقله وقد أصابه الإعياء من عقد المقارنات بين كل الخيارات المتوفرة، فيحدث ما يسمونه الإغلاق.
أي باختصار أن كثرة الخيارات تعادل في تأثيرها انعدام هذه الخيارات، إذ يجد المستهلك صعوبة كبيرة في اتخاذا القرار، ومن ثم يرحل عن هذه الغابة، إلى منتج آخر قليل الخيارات، واضح الفروق والمزايا.
قلة الخيارات تسهل عملية الشراء، فإذا حدث وأخذت زبادي قليل الدسم ولم ينل رضاك، ففي المرة القادمة ستتذكر الابتعاد عن هذا المنتج الواحد، وطالما أن قلة الدسم لم تنل رضاك.
فالحل الصحيح – الذي لا يحتاج عقل آينشتين – سيتمثل في اختيار كامل الدسم، وبهذا يخرج المستهلك من تجربة الشراء سعيدا بعثوره على بغيته.
يقول المؤلف في كتابه، أن توهم زيادة المبيعات مع زيادة عدد المنتجات المختلفة والتي تحمل الاسم التجاري ذاته يتبخر عند نهاية العام عند حساب العوائد والمصاريف.
فما يحدث فعليا هو أن تعدد المنتجات يجبرك على زيادة مصروف الدعاية والإعلان والتسويق لكل منتج، كما أن تعدد المنتجات ينقل التحكم الفعلي من الصانع إلى محلات البيع والأسواق التجارية الكبيرة.
التي يدرك العاملون فيها حجم المأزق الذي أوقعت نفسك فيه، فيفرضون أسعارهم هم عند الشراء، ويجبرونك على إجراء المزيد من العروض التسويقية وتقديم التخفيضات، فينتهي العام وقد حدثت زيادة طفيفة في المبيعات، قابلها زيادة كبيرة في مصاريف التسويق والدعاية.
لكن الضرر الأكبر ليس هنا
بل في تدمير الانطباع السائد في عقول المستهلكين، فشركة المراعي بعد أن كانت تقدم – على سبيل المثال – 3 منتجات، بدأت تقدم 40 منتج، وأصبح شراء منتجاتها بمثابة الصداع المزمن، لأن عقل الإنسان لا يتسع لتذكر الاختلافات ما بين 40 منتج.
كما أن السمة الغالبة على الحياة اليوم هي السرعة فلا وقت لجمع فريق من الخبراء ليقرر أي منتج أفضل، وبذلك يبدأ اسم المراعي في الاقتران بعدم القدرة على الاختيار.
ولأن المطلوب هو إقناع المشتري بالشراء، وليس إثبات غبائه وأنه سيرسب في اختبار رياضيات أو ذكاء، فمن يخسر فعليا هو مدير المبيعات الذي أراد تحقيق المزيد من المبيعات عن طريق زيادة الاختيارات أمام المستهلكين.
خلاصة الأمر
لا تضع علامتك التجارية على منتجات كثيرة، وإذا استلزم الأمر، تحول إلى إطلاق علامات تجارية أخرى، فشركة نوكيا أطلقت الاسم التجاري فيرتو لتضعه على هواتفها الغالية بغباء، وكذلك فعلت تويوتا مع سيارات ليكسيس الفاخرة التابعة لها، وكذلك نيسان مع سياراتها الفاخرة انفينتي.
هل اتضحت الرؤية الآن؟ هل لديك أمثلة على منتجات عربية وقعت في الفخ ذاته؟ أو نجت منه بذكاء؟