يظن البعض أن الإبداع يقتصرُ على فئة معينة من الناس ، أو أنه لا يكون إلا لصاحب الشهادات الرفيعة أو الطبقة الاجتماعية البارزة ذات البهرج والصيتْ .
ويظن آخرون ، أن المبدع يولدُ كذلك ، فهي نصيبٌ وقسمة ٌ بين الخلائق ، ولكن دعونا نتنحى جانباً بعض الشيء لنعرف ما هو الإبداع أصلاً …
اذا ما جئنا إلى تعريف الإبداع فإننا نجد العديد من التعريفات لهذه الكلمة ” الإبداع ” … في اللغة تعني ” المُحْدِثْ أو المُنْشِيء ” ، يقول تعالي “بديع السموات والأرض ” أي خالقهما على خير شبيهٍ أو مثيل .
عرَّفه د. علي الحمَّادي بأنه : ” مزيج من الخيال العلمي المرن، لتطوير فكرة قديمة، أو لإيجاد فكرة جديدة، مهما كانت الفكرة صغيرة، ينتج عنها إنتاج متميز غير مألوف، يمكن تطبيقه واستعماله”
الإبداع ، هو أن ترى المألوف بصورة غير مألوفة وغير معتادة….
الإبداع ،” كما جاء في موسوعة ويكيبيديا ” بأنه حالة عقلية بشرية تنحو لإيجاد أفكار أو طرق ووسائل غاية في الجدة والتفرد بحيث تشكل إضافة حقيقية لمجموع النتاج الإنساني كما تكون ذات فائدة حقيقية على أرض الواقع إذا كان الموضوع يرتبط بموضوع تطبيقي
أو أن يشكل تعبيرا جديدا وأسلوبا جديدا عن حالة ثقافية أو اجتماعية أو ادبية إذا كان الموضوع فلسفيا نقديا
أو ان يشكل تعبير ضمن شكل جديد وأسلوب جديد عن العواطف والمشاعر الإنسانية إذا كان الموضوع يتعلق بالنتاج الأدبي وأشكاله. ويمكن تعريفه اجرائيا أو شرطيا بانه إنتاج عقلي جديد ومفيد واصيل ومقبول اجتماعيا ويحل مشكلة ما منطقيا أو بما قبل الشعور.
نلاحظ من خلال التعريفات السابقة وجود شيء مشترك فيما بينها ، ألا وهي ” الفكرة ” … فالفكرة هي من وجهة نظري المغذي الأساسي للإبداع ومصدر الإلهام لجميع الخطوط الملونة التي تزين وتنسج هذه الفكرة كي تبدو لوحة فنية بارزة تسر الناظرين .
هذه الفكرة ، التي هي عبارة عن الحلول والاقتراحات التي تخطر على العقل نتيجة الانسجام مع الحالة التي يعيشها الإنسان سواء أكانت سيئة أم جيدة هي ما يميز العقل البشري عن غيره ويؤهله لأن يكون المبدع والمُستخْلَف ْ ، وإن تحدثنا عن الاستخلاف الحقيقي فلن يكون إلا بالإبداع والأفكار المتوقدة .
إذاً هذه الأفكار مصنعها العقل الذي ميَّزَ الله به البشر والموجود عندهم كافة ، وبالتالي كلٌ منا لديه من الأفكار ما يؤهله لأن يكون مبدعاً وفاعلاً وهذا يقودنا إلى خلاصة مهمة ، وهي أن أي شخص في هذا الكون بإمكانه أن يُبدع وأن يُسهم بشيء جديد وفريد على أي صعيد كان ومهما كان حجم هذا الإبداع إلا من أبى ورفض أن يُعمل عقله فأتعبه بالخمول والرقاد .
مراحل الإبداع
لكل شيء حولنا دورة حياة ، ومنظومة معينة تسير وفق معايير وأسس تؤهل هذا الشيء لأن ينتج بالشكل المطلوب ، كدورة حياة الإنسان مثلاً ، أو دورة حياة النبتة ، دورة حياة الفراشة ، منظومة تصنيع آلة معينة أو جهاز معين وهكذا … كذلك الإبداع له مراحله وله منظومته التي يسير وفقها بناءً على المعطيات المتاحة ” بمعنى أن الآلية قد تتغير ولكن النتيجة واحدة ( إبداع ) .
أولا ً : مرحلة التحضير والإعداد ، من جمع بيانات ومعلومات حول الفكرة التي اشتعلت في الذهن وسببت ضجيجاً حميدا .
ثانياً : مرحلة التركيز في هذه البيانات والتوفيق قيما بينها بما ينسجم مع الهدف الذي نصبو إليه .
ثالثاً : مرحلة ” لحظة الاشتعال ” .. وهي المرحلة المليئة بالحماس ، حيث بداية الإنجاز وانطلاق شرارة الإبداع .
رابعاً : مرحلة التحقيق والتنفيذ .
لكل شيء نفعله يكون هناك دافع ومغذي ومحرِّك .. وإن كان لا بد من الحديث عن دوافع الإبداع أو ضرورته فلعلَّ اساس ما يدفعنا لأن نكون مبدعين هو أننا أرقى المخلوقات ، وبما أن الله كرمنا بذلك وخلقنا كذلك فينبغي علينا أن نحفظ هذه النعمة ونصونها ، وأن نحفظ ما تحتويه جماجمنا بأن نُعملها ونُسهم جميعاً في التعمير والنهضة الشاملة ، هذا من وجهة نظري .
من الممكن أن يكون من ضمن الدوافع الداعية إلى ضرورة الإبداع
دوافع داخلية : مثل تحفيز النفس والشعور بالرضا
دوافع خارجية : صناعة الاحداث والتقدم والنمو
دوافع مادية …. وقبل هذه الدوافع كلها أن نستشعر ان هذا من ضمن ما أمرنا به المولى عز وجل ، فيكون رضا الله تبارك وتعالى على رأس هذه الدوافع كما أسلفنا .
محاربوا الابداع
لعلهم يحاربونه بدون قصدٍ أو دراية ، ولكنهم يخلقون من حوله سياجاً شائكاً وأحياناً يكون ملغَّماً أيضاً يعرقل السير بسلاسة نحو تحقيق الهدف .
قد يعلِّقون على ما تفعل بتعليقات سخيفة وسلبية ، لا تنمُّ إلا عن ضيق أفق أو ضحالة ِ فكر أو شائبة غيرة أو حسد أو جهل .. وما إلى ذلك مما يتطلب عدم الاكتراث بهذه الأقوال والمضي قُدماً نحو ما خُلقنا من أجله ” الاستخلاف ” الذي يتطلب ” الإبداع “
في النهاية : من يعمل فإنه يخطيء ويصيب ، ومن لا يعمل فإنه لا يخطيء ولا يصيب ولا ينال شرف المحاولة ، فاعمل وان لم تنجح المحاولة فحتماً ستكون سبباً في اشتعال فكرة جديدة تحطم جدران الصمت لنكون فعلاً لما نحن أهله ، وما خلقنا من أجله .
دمتم بود