نكمل اليوم ملخص كتاب أعظم 74 قرارا إداريا، تحت قسم جديد عن أهمية الأسماء، وقرار مارفين باور بأن يبقي اسم شركته ماك كينسي.
تبدأ القصة عندما التحق مارفين باور بمكتب شركة جيمس ماك كينسي بعد فترة من تدربه في أعمال المحاماة، بعد قدوم باور للشركة بفترة بسيطة ترك جيمس ماك كينسي الشركة ليقوم بإدارة شركة مارشال فيلد، وبعدها رحل ماك عن دنيانا بأكملها، وخلف من وراءه مارفين باور في مكتب الشركة بنيويورك، وكيرني بمكتب الشركة بشيكاغو .
انفصل المكتبان عن بعضهما البعض،ففضل كيرني أن تحمل شركته الجديدة اسمه لأن هذا سيعطي انطباعا لدي العملاء باشتراكه في كل مهمة، أما باور فإنه كان علي دراية بعواقب الأمور إذا تغير اسم الشركة إلي اسمه شخصيا، فسوف يدرك العملاء أنه كان مسئولا عن كل المشروعات ويطلبون له مقابل ذلك، كما أنه رأي أن الشركة أكبر من أن تكون شخص بمفرده.
توسعت بعدها شركة ماك كينسي في أمريكا الشمالية، وافتتحت أول مكتب خارجي لها في لندن وتبع ذلك افتتاح الكثير من المكاتب في المدن الأوروبية، حتى العام 1997 كان هناك 74 مكتب في 38 دولة لماك كينسي.
وضع باور مقاييس ومبادئ وقواعد عالية يسير عليها العمل في شركته، حيث وضع العميل أولا ثم في المرتبة الثانية يجئ الربح، فالأولي هي دائما ما تأتي بالثانية بكل تلقائية، ولم تستغل ماك كينسي القضايا الكبيرة كوسيلة لتحقيق ربح أكثر وإنما للتأكيد علي أن العملاء يثقون في إمكانيات ماك كينسي ويقدرونها .
من ضمن أصول وقواعد العمل في ماك كينسي، هو التزام المستشارين بالهدوء، وقول الصدق حتى إن كان فيه تحديا للعملاء، كما أن كل مستشار كان يضع قبعة علي رأسه عدا العاملين في مكتب سان فرانسيسكو .
ماك كينسي ليست مجرد شركة استشارات، فللشركة روحها ونظامها الخاص بالحلل الرصينة التي يرتدوها موظفيها والمقاييس العالية في الأداء، وحقا وصف مجلة فورتشان لماك كينسي بقولها “إن ماك كينسي أوسع الشركات شهرة وأكثرها صونا للأسرار، وأغلاها سعرا وأعلاها مقاما، وأكثرها نجاحا وثقة وتعرضا للحسد والكراهية ” .
كما يقول عنها توم بيترز “إن ماك كينسي لديها ثقة كبيرة بقدراتها” ، حيث لا تؤمن ماك كينسي والقائمون علي الأمر فيها بمبدأ التواضع ولا يرتاحون لهذا الأمر ،فالثقافة التي ابتدعها باور ومازالت قائمة حتى اليوم هي سر نجاح ماك كينسي، وكما يقول أحد مستشاري الشركة لمجلة فوربس “إننا لا نتعلم من عملائنا، فمقاييسهم ليست عالية بالدرجة الكافية ولكننا نتعلم من الشركاء الآخرين لماك كينسي “.
غير باور في سياسة التوظف بالشركة فبدلا من التركيز علي مسئولين ذوي خبرة ،وظف طلاب حديثي التخرج عودهم علي روح العمل في شركته وكيف يكونوا قادرين علي طرق التحليل وحل المشاكل، كما رسم سياسة شركته علي أن الأسبقية ترتبط بطريق مباشر بالإنجاز حيث لا مكان للضعفاء بالشركة.
من المؤكد أن ماك كينسي ليست أقدم ولا أكبر شركة استشارية في العالم فشركة أندرسون الاستشارية تفوقها في نسبة العوائد وعدد المستشارين، ولكن بالنسبة لعوائد المستشارين أنفسهم تتفوق ماك كينسي علي أنديرسون، ما تمتاز به ماك كينسي هو أنها تحب أن تنظر لنفسها علي أنها أفضل شركة، وقد استطاعت الترويج لهذا الإدعاء ولتصبح بلا جدال أفضل شركة ، واستطاعت أن تكون واحدة من أعظم الماركات العالمية في صناعة الخدمات الاستشارية.
يصف هارفي جلوب رئيس شركة أمريكان اكسبريس باور قائلا
” إنه واحد من أفضل القادة في دنيا الأعمال الأمريكية علي الإطلاق، لقد قاد تلك الشركة من خلال مجموعة من القيم التي استخدمها في صياغة وتشكيل منظمته والتي هي أهم شئ في هذا المجال” .
حتى أن يبج بلو Big Blue (كنية تطلق علي شركة IBM) لو أرادت وضع ثقتها في شركة ما تطلب الاستشارة لكان عليها أن تثق في ماك كينسي ، ولم تتوقف دروس باور فيالقيم والمبادئ ، فقد أعطي باور درسا للآخرين وطبقه علي نفسه عند بلوغه الستين من عمره قام ببيع أسهمه إلي الشركة بسعر قيمتها الدفترية.
أري أن قرارات باور لاتقدم لنا نموذجا في أهمية اختيار الأسم فقط، وإنما تمثل لنا نموذجا رائعا في مثالية العمل وكيفية وضع القيم والمبادئ لشركتك واقناع الآخرين بأنها الأفضل دائما، فلنحتذي بنموذج مارفين باور وطريق ماك كينسي في تأسيسنا لقيم ومبادئ العمل في مؤسساتنا .