فواصل

العروض الصادقة..أرباح متواصلة

بداية يعرف مصطلح كلمة الفم كما هو الوعد الذي يطلقه أحد ما و هو ملتزم بما وعد أمام أية مسؤولية تجاهه ،  وكذلك الشركات عندما تطلق وعودا يجب عليها الالتزام بتنفيذها و إلا ستضعف مصداقيتها و تتأثر صورتها سلبا في ذهن الجمهور .

 

و تقدم الشركة كلمتها للجمهور عن طريق عدة وسائل اتصال به ، سواء كان ذلك عن طريق مندوب المبيعات او موظف الكوة أو العلاقات العامة أو وسائل الإعلان أو حتى موقعها على الانترنت.

 

ويجب أن تدرك الشركات تماما  ما تقوله و تعد به المستهلك و أن تعمل على تنفيذ التزامها ولا تقع أبدا بفخ نسيان المستهلك ، فالمستهلك  ذكي جدا ولا ينسى ما تعد به شركته المفضلة لأنه ينتظر منها هذا الوعد و بنى سلوكه التالي بناءا عليه ، فإن  خذلته فإنه لن يتردد بالدعاية السلبية لها .

 

عجوز : ادفعوا لي مقابل الحجز بفندقكم

قبل عدة سنوات قامت سلسلة فنادق SAS العالمية بحملة ترويجية استهدفت من خلالها كبار السن، فإذا قام  أحد العملاء بالنزول في أحد فروع الفندق، وكان عمره فوق سن الـ 65 فسوف يحصل على خصم من أجرة الفندق بناءً على عدد سنين حياته، فإذا كان عمره 75 فهو سيحصل على خصم وقدره 75%.

 

وجرت الأمور على ما يرام إلى أن قامت إحدى السيدات في السويد بحجز غرفة وكان عمرها 102 سنة، وبذلك  طالبت إدارة الفندق بأن تدفع لها 2% من أجرة الفندق، وعلى الفور عملت إدارة الفندق على تلبية طلبها بالحال،  ودفع لها المبلغ المطلوب.

 

هذا مثال واضح على اهتمام الفندق بوعده للزبائن وحتى لو تكلف الأمر خسارة له، والخسارة هنا بسيطة مقارنة  بالقصة التالية ، لكن المهم أنها وفت بوعدها و ربما استغلت هذه الفرصة للإعلان عن وفائها و حفاظها على  زبائنها و وضعهم موضع كل اهتمام .

 

بذلك يتعزز رضى الزبون ولا يتخلى عن شركة تهتم به أكثر من اهتمامها  بأرباحها لأنها تدرك أن الزبون مصدر المال وبدونه لأفلس البنك ولما قام من أصله .

 

سابقاً ألف دولار واليوم لك بـ 49 $ فقط

منذ يومين حدث خطأ في برمجية أحد المتاجر الإلكترونية وعرضت جميع السلع فيه بسعر موحد يبلغ 49 دولاراً  تقريبا للقطعة من أي منتج ، إن عادة هذا المتجر أن يقدم عرضا خاصاً كل فترة لأحد السلع بسعر يقل بشكل كبير  عن سعره المعتاد .

 

لكن هذا الخطأ وضع جميع السلع بسعر واحد لم يصدقه الزوار ، فبادروا إلى الشراء بزخم كبير  حيث أنك لن تستطيع  دوما شراء قطعة مجوهرات تبلغ قيمتها 1000 دولار بسعر 49 دولاراً، و بعد أن استمر الخطأ  ليوم كامل و بلغت خسائر الموقع 1.6 مليون دولار ، التزم الموقع بشحن البضائع لمشتريها بالكامل وكأنهم دفعوا ثمنها الصحيح .

 

منطقيا لا يصدق بسهولة أن متجراً الكترونيا يستمر خطأ في الأسعار ليوم كامل دون التدخل وتصحيحه، قد تكون  حركة تسويقية إعلامية كلفته 1.6 مليون دولار ، وسيحكم الموقع لاحقاً على نجاح تلك الحركة الخطيرة من قبله .

 

يهمنا هنا التزام الموقع بكلمة الفم عندما يعرض لك جهازا الكترونيا بسعر 49 يعني أنه سيبيعك إياه بهذا السعر مهما كان سعره الحقيقي ..

 

حدثت في السابق عمليتان مشابهتان في متجرين آخرين و قاموا بعرض سعر واحد لجميع السلع فيه ، لكنهم لم يلتزموا بتنفيذ عمليات البيع التي جاءت على هذا السعر الموحد و تحججت المتاجر بأن سياسة الشراء تحمي الموقع في حال حدوث الأخطاء التقنية.

 

قد يكون هروباً موفقاً من المأزق و تحقيقاً لحملة إعلانية خطيرة ، و لكن تضررت سمعة الموقع بشكل معين و قد يكلفها مبلغاً إضافيا لإعادة الثقة لعملائها .

 

كلمة الفم وشركاتنا العربية

قد تأخذ الحمية أحيانا بعض مدراء الشركات في العالم العربي أو حتى مدراء المؤسسات الصغيرة ويبالغون بإعطاء وعود عالية ظناً منهم بجذب الزبون ، قد يحدث وتجذب الزبون فعلا ، لكن هذا الزبون ما أن يكتشف خداعك له سيعرض عن الشركة ويبدأ بالدعاية السلبية لها .

 

ويحدث أحيانا أن يقدم مندوبي المبيعات لدى الشركات و حتى بدون علم مدرائهم بإعطاء وعود عالية سواء عن المنتج أو الشركة أو خصومات لاحقة ليجبروا الزبون على الشراء.

 

و هذا خطأ كان يرتكبه الكثير من المدراء الذين يفكرون بتحقيق أقصى قدر ممكن من الصفقات ولا يهتمون بتثمين العميل و جعله يعزز انتمائه و ولائه للشركة على المدى الطويل .

 

أعرف إحدى المؤسسات التي قامت بمسابقة تصويت و وعدت جمهورها بعد انتهاء المسابقة على إجراء تغطية حول الفائز بالتصويت ، مرت ستة شهور ولم يحدث شيء و ربما نسيت أو تناست الأمر لكن الجمهور لن يفعل ، وسيظل متذكراً وعد الشركة وأنها لم تفي به.

 

قد يعود الخلف بالوعد إلى منافسة داخلية حصلت أو مشاكل من نوعا ما ، يفترض بإدارة الشركة أن ترمي مصالحها الشخصية جانبها لتنظر إلى سمعتها بذهن الناس ومهما فعلت من تعزيز تلك الصورة فلن تعوض عن وعد أخلفت به .

 

تقوم محلات السوبر ماركت العملاقة بالإعلان عن أسعار بعض السلع بشكل يقل كثيراً عن سعره المعقول كحركة لجذب الزبون إليها ، بالفعل فالسوبر ماركت يقدم هذه السلعة بهذا السعر ، لكنه يقدم كمية قليلة جدا مقارنة بعدد المشترين الكبير ..

 

بهذا تعتقد أنها وفت بكلمة الفم التي أطلقتها و لكنها وقعت في خطأ آخر ، لكن قد تستفيد من سياسة السعر الاستدراجي هذه لأن يشتري الزبون باقي حاجياته .

 

يحتم على منظمات الأعمال في الوقت الراهن تغير نظرتها للزبون و لمفهوم العمل و طريقة الربح ، أصبحت المنافسة أشد و لم يعد الربح هاجساً أوليا للشركة ، عليها العمل على تثمين الزبون و تعزيز ولائه والاهتمام به ليصبح مصدر دخل دائم.

 

و على تلك المنظمات أن تزرع في ذهن موظفيها فكرة أنه ليست الشركة من تؤمن راتب الموظف و أمانه الوظيفي ، بل الزبون .. وبدونه لما استمرت الشركة ولما حصل الموظف على راتبه آخر الشهر .

 

مصدر المقال مدونة ناسداك

 

مقالات ذات صلة

اضف رد