فواصل

تعلم الجديد وتدرب على الثقة بذاتك

في ممارستنا لحياتنا اليومية الاعتيادية ، قإننا مدعون إلى استخدام جميع قدراتنا العقلية ، فالتغيرات في مجالات التوظيف ، أو البرامجيات ، أو الأجهزة ، أو المصالح الشخصية تتطلب منا تعلم مهارات جديدة .

 

و في كل يوم ، و في كل منحى من مناحي الحياة ، نجد أنفسنا مضطرين إلى الأخذ بطرف من كل قدرة من قدرات عقولنا ليتسنى لنا مواكبة أحداث العالم المتحركة في سرعة بالغة حولنا .

 

و إذا ما أتيح لك الخيار لمضاعفة واحدة من قدراتك العقلية ، فإيها تنتقي ؟ و ما هي في رأيك القدرة العقلية الوحيدة ذات الأهمية العظمى من بين قدراتك ؟ هل تفضل أن تكون قادراً بشكل أفضل علي :

  • التذكر ؟ 
  • القراءة ؟ 
  • الإصغاء ؟ 
  • التفكير ؟ 
  • التعلم ؟

و الآن ، استعرض تلك القائمة مرة أخرى ، و أسأل نفسك أي من هذه القدرات الخمس هي الأكثر صعوبة في التغير و التحسن ؟

 

و أيا ما كانت إجابتك ، ألق نظرة أخيرة على القائمة . إن واحدة من هذه الخيارات الخمسة تنطوي بداخلها على الأربعة الأخرى .
فإذا ضاعفتها فقد ضاعفت تلقائياً من أدائك في الباقيات ، فهل يمكن لك تحديد هذه القدرة ؟


الإجابة هي : التعلم . ضاعف من قدرتك على التعلم ، تكن تلقائياً قادراً على مضاعفة قدرتك العقلية الأخرى .
إن قوة التعلم قد تكون الأساس الأكثر أهمية من بين جميع القوى العقلية.

 

غير أنه من بين هذه القدرات الخمس ، يؤمن معظم الناس أن التعلم هي أصعبها قابلية للتحسن على الإطلاق . إنهم يعتقدون أنه يمكنهم أن يكونوا أكثر عناية في الإصغاء ، و سرعة في القراءة ، و دقة في التذكر ، و فاعلية في التفكير ، غير أنه لديهم في الوقت نفسه إيمان راسخ بنفس القدر أن التعلم ليس سوى قدرة فطرية غير قابلة للتحسن ، فإما أن تكون قابلاُ أو غير قابل للتعلم منذ مولدك .
يظن الناس أنهم قد خرجوا إلى الحياة وهم مفتقرون إلى القدرة على التعلم الجيد ، و أن الوضع سيظل على ماهو عليه بمثل من يقف مكتوف اليدين ( ليس بإمكانه فعل أي شيء ) و باختصار فهم يؤمنون أنك لا تستطيع أن تتعلم لتكون متعلماُ أفضل .
و من المحتمل أن تكون أحد المؤمنين بهذه المعتقدات فيما يتعلق بك وبتعليمك.
وتقع غالبيتنا ضحية المعاناة من هذا التوهم الذي يرجع في جانب منه إلى أسلوب التعليم العتيق ، بل و الأسوأ من ذلك ، المناهض للإبداع في نظامنا التعليمي و الذي تشربناه في نفوسنا منذ نعومة أظافرنا . ومما لا شك فيه أن الوسائل العتيقة التي عفى عليها الزمن تضر أكثر مما تنفع وتجعل التعلم بالنسبة لنا أشد عسراً و ليس أكثر يسرا .
إن النظام التعليمي دأب على أن يعلم ، و مازال يعلم الأطفال على استظهار المعلومات بالحفظ ظهراً عن قلب ، حيث يطلب منهم تكرار الأسماء ، و التواريخ ، و الحقائق مئات المرات ، حتى تنطبق تماماً في ذاكرة كل منهم . وهذا هو كل ما تعلمناه بشأن التعليم .
و بادئ ذي بدء فقد أثبت هذا النظام فشله حيث عانى معظمنا من تذكر نصف ما نكون قد تعلمناه في نهاية الأسبوع الدراسي . وعندما بلغنا سن الرشد فإن تسعة و تسعين في المائة منه طواه النسيان .
و نظراً لأننا لم ندرس كيف نتعلم بشكل فعال ، فإننا نجاهد من أجل تطوير مهارتنا و معارفنا الحيوية حتى نكتشف أننا قد استوعبنا عَشر ما كنا نحتاج إلى معرفته أو أقل من ذلك .
إذا لا عجب أن يكون تفكيرنا بشأن التعلم مرتبطاً بالصعوبة ، و العبء الثقيل و الجهد الخارق ، و أن ننظر إلى أنفسنا كأغبياء الفصل الدراسي.

غير أن علماء ـ و من بينهم ميهالي نتميهالي برهنوا على أن بوسع أي شخص ـ بما فيهم أنت ـ أن يكون قادراً على التعلم الفوري .

 

 

ما الذي تشعر به إزاء التعلم ، و إزاء نفسك كمتعلم إذا و ضعت في موضع المتعلم الفوري ؟

إنك متعلم بارع

إن جميع بني البشر قابلون للتعلم بالطبيعة ، حيث أنه جزء من تراثنا الإنساني ، غير أن معظمنا لا يدركون ذلك لسببين :

  • الخبرات التعليمية السلبية داخل و ( خارج (النظام التعليمي) .
  •  الافتقار إلى أي تدريب بشأن كيفية تطبيق مواهب التعلم الطبيعية ، الموثوق بها عادة ، على التعلم .

التغلب على الحواجز الأربعة ضد التعلم الفوري :

إننا نحول بين أنفسنا و بين التعلم . فقد لعبت تجاربنا السلبية مع النظام التعليمي و الأساطير الاجتماعية بشأنه دوراً في إقناع الكثير منا بأننا لن نحقق النجاح أبداً .

ولدى ظهور أي إشارات عن برنامج تعليمي قادم ، فإننا نبدأ في برمجة أنفسنا للشعور بالضغوط و الفشل و ذلك بالاستدعاء العقلي لعدد من المفاهيم المغلوطة السلبية الشائعة حول التعلم .

 

ومن بين هذه الأسباب الذاتية السلبية ما يلي :

  • ” التعلم مثير للضجر “
  • ” لست متعلماً جيداً “
  • ” لا أستطيع أن أتعلم ” أو ” لا أستطيع فهم هذا الموضوع “
  • ” لن أتذكر ما أتعلمه “

و تستند كل هذه الرسائل على فرضية تزعم أن التعلم مهمة شبة مستحيلة مقدر لنا الفشل فيها . إن تكرار هذه الرسائل بمثابة حافز للتنويم الذاتي يعمل على غلق مراكز التعلم في العقل عندما تكون في أشد الحاجة إليها .

 

و حتى يمكن تغيير الحصيلة التعليمية من السلب إلى الإيجاب ، يتعين عليك برمجة عقلك برسائل إيجابية حول قدراتك كمتعلم جيد .

 

إن ما يطلق عليه الخبراء في مجال الدوافع ، مثل الدكتور نيل فيوري ” حديث النفس الإيجابي ” هو الأداة القوية التي تعمل على تغيير المسارات العقلية بما يسمح لنا باغتنام فرص التعلم مزودين بالطاقة الدافعة و الثقة بالنفس ، وشحن مراكز التعلم في العقل لتعمل بأقصى قدراتها .

 

أكد لنفسك قائلا ” إنني بالفعل متعلم ناجح برع في السيطرة على مجالات عديدة من المعرفة خلال حياتي و حتى الآن ”

 

” التعلم مثير للضجر “

هذه المقولة الملتوية تمثل العقبة الأولى التي يضعها الناس لإعثار طريقهم إلى التعلم . فهي في المحل الأول تفتقر إلى الصدق . ويكفي أن تسترجع بعض ذكرياتك حيث ستجد أن هناك أوقاتا كثيرة كانت فرص التعلم خلالها مفعمة بالإثارة و أنك كنت مستغرقاً فيها لدرجة نسيان نفسك خلالها .

 

” لست متعلماً جيداً “

يستخدم الرياضيون ورجال الأعمال ما يطلق عليه “ التصور الإيجابي” لتأمين تحقيقهم النجاح . ووفقاً للدكتور شارلز جارفيلد الخبير في تحقيق ” قمة الأداء ” فإن هؤلاء الأشخاص يبرمجون عقولهم من أجل إحراز النصر عن طريق تركيز انطباعاتهم على صورهم وهم يحققونه .

 

و إذا ما ثابرت على أن تكرر أنك غير كفء بالنسبة لموضوع ما لفترة كافية فسوف تقوم بنفسك على جعل هذه النبوة أمراً واقعاً . لا شك في أنك متعلم بارع و إلا ما كنت تقرأ هذا الموضوع .

 

” لا أستطيع أن أتعلم ” أو ” لا أستطيع أن أفهم هذا الموضوع “

هذا نموذج آخر للمقولات التافهة المضللة . إن اكتساب معرفة عن شئ يحقق لك المتعة ، إن تعلمك لشيء ما يدل إمكان تعلم شىء أخر . غير أن مواصلتك الحديث إلى نفسك بأنك لا تستطيع لا تستطيع لن يسفر سوى عن برمجة مساراتك العقلية المختصة بالتعلم باتجاه رفض اكتساب المعلومات .

 

أن عقلك مستعد لقبول ما تردده له باعتباره حقيقة ، مسقطاً أي شىء آخر قد تسمع به أو تقرأ عنه .

 

“لن أتذكر ما تعلمته”

إذا كانت التأكيدات الإيجابية تساعدك على تحقيق أداء أفضل فلك أن تتخيل مدى تأثير مواصلة الحديث إلى نفسك بأنك لن تستطيع تذكر تفاصيل تقرير ما .

 

إنك بهذا الحديث تبث إلى عقلك ما يساوي الأمر العقلي ” بالشطب ” أو ” الإلغاء ” ـ وهو جدير بأن يمحو تماما من ملفاتك العقلية أي معلومات بها بنفس السرعة التي تغذيها بها .

و النصيحة

ألا ترتكب هذا الخطأ مرة أخرى . فإذا ما كنت تحاول حث نفسك وفقاً لمنهج “ الدفع و الترهيب ” فلا تردد في إتاحة الفرصة لمنهج ” الجذب و الترغيب ” وحول تركيزك من تيار توقع العقاب ووقوع الكارثة إلى تيار الحصول على المنافع و الجوائز و الشعور بالابتهاج لمعرفة وإجادة موضوع جديد .

 

ولسوف تكتشف أن حماسك لتلقي العلم قد ازداد إلى حد بعيد ، و أن هذا الحماس سيؤدي بدوره إلى زيادة قدرتك على التعلم .

 

المرجع
كتاب ” كيف تضاعف قدراتك الذهنية ” تأليف الكاتبة / جين ماري ستاين

 

 

مقالات ذات صلة

اضف رد