تصور لعبة (Phone Story) أو” قصة الهاتف” في مرحلة التحدي الأولي كيفية استغلال الأطفال من أجل استخلاص معدن الكولتان الذي يستعمل في صناعة الهواتف الجوالة والحاسوبات وغيرها من الآلات الإلكترونية، وذلك في ظروف قمعية وباستعمال آلات عمل بسيطة. وسرعان مايحاول الأطفال أخذ قسط من الراحة حتى يأتي حرس مسلحون ويحملون رشاشات يهددون بها الأطفال من أجل الإسراع في العمل. كل ذلك يحدث داخل منجم مظلم يثير الفزع والخوف. ودور اللاعب في هذا التحدي الأول من اللعبة هو تقمص دور حراس المنجم، واللاعب الذي يصيح بصوت أعلى عن صوت الأطفال ينجح في اجتياز مستوى التحدي الأول.
وتبقى مشاهد ومراحل التحدي في هذه اللعبة قريبة جدا من الواقع المر المعاش في مناجم الكونغو ووالدول الإفريقية الأخرى، حيث يتم استغلال الأطفال في أعمال يدوية مرهقة ومتعبة. والجدير بالذكر هو أن أرباح وعائدات هذه المواد الخام كانت ولازالت من الأسباب الرئيسية لاندلاع الحروب الأهلية والمشاكل السياسية والاقتصادية في إفريقيا.
“ظروف العمل الصعبة دفعت بعض العاملين للانتحار”
مشاهد لعبة “فون ستوري” تظهر الجانب غير إنساني لصناعة الهواتف الجوالة الحديثة والمتطورة الصنع. فممارس هذه اللعبة يجب عليه من أجل الفوز أن يعذب الأطفال ويضايقهم حتى يضطر بعضهم إلى الرمي بأنفسهم من فوق سقف مصنع الهواتف. ويصاحب اللعبة طيلة الوقت صوت إلكتروني، يوعي بظروف صناعة الهواتف المحمولة ة حيث يقول بشكل متردد:” صنع هذا الهاتف ،كمعظم الآلات الإلكترونية الأخرى في إحدى المصانع الكبرى في الصين. والناس الذين يعملون هنا سيظلون دائما ضحايا للاضطهاد والاستغلال. فهم يعملون في ظروف غير إنسانية، كما أنهم يشتغلون أيضا ساعات إضافية دون مقابل. وفي ظرف بضعة شهورفقط ينتحر مايزيد على 20 عامل بسبب ظروف العمل المزرية”.
وقد عرفت سنة 2010 سلسلة من الانتحارات في مصانع الآلات الإلكترونية (Foxconn) التيوانية، مما أثار جدلا كبيرا حول ظروف العمل. وتقوم شركة (Foxconn) بتركيب أجهزة آي باد وكذلك هواتف الآي فون الذكية لشركة آبل الرائدة في صناعة الحواسب والهواتف المحمولة.
شركة آبل تحذف لعبة ” فون ستوري” من برامجها
وقد تم طرح لعبة ” فون ستوري” في الأسواق في شهر سبتمبر/أيلول العام الماضي من قبل الشركة الإيطالية للبرامج الإلكترونية موليندوستريا( Molleindustria). وقد عمل مبرمجوا لعبة “فون ستوري” دون مقابل وبشكل تطوعي . كما من المقرر أيضا أن تذهب عائدات بيع اللعبة إلى جمعية حماية حقوق العمال في هونكونغ SACOM (Students and Scholars Against Corporate Misbehavior ).
ولكن شركة آبل سرعان ما حذفت اللعبة من مخزن برامجها (App Store) ساعات فقط بعد إصدارها، مبررة ذلك بأن” فون ستوري” تصور مشاهد وحشية لاستغلال الأطفال، كما أضافت:” أن اللعبة إذا كان هدفها إنساني فيجب أن تكون مجانية.”. وهذا مايعتبره باولو بيريديتشيني من شركة موليندوستريا تبريرا متجاوزا. فهو يعترف أن هناك مشاهد عنف وبعض الكوميديا السوداء، إلا أن ذلك يصور فقط على شكل رسوم كرتون متحركة وبشكل حضاري. ويضيف:” هذه اللعبة هي أقل عنفا من العديد من برامج اللعب الموجودة في مخزن الأيفون (App Stores).
عائدات “فون ستوري” تخصص لضحايا الاستغلال الإلكتروني
ورغم ظهور اللعبة لوقت وجيز فقط على أجهزة الأيفون إلا أن الإقبال عليها كان كبيرا، حيث تم تحميل اللعبة 900 مرة عبر (App Stores). ولكن بعد منعها من شركة آبل أصبح من الممكن الحصول عليها فقط عن طريق غوغل عبر أجهزة أندرويد(Android). وحسب شركة موليندوستريا فقد تم تحميل هذه اللعبة الإلكترونية لحد الآن 4600 . وفي هذا الأسبوع تريد شركة موليندوستريا تحويل الأرباح لجمعية حقوق العمالSACOM. وهذا ما يعتبره ديبي شان من جمعية حقوق العمال مشروعا يستحق الامتنان والتقدير ويضيف:” إنها ليست مجرد لعبة هاتف فقط، بل مشروع تربوي لتوعية المستهلكين قبل شرائهم للهواتف الذكية”. ومن المقرر أن توزع أموال التبرعات على ضحايا شركة فوكسكون (Foxconn) الذين نجو من الانتحار.
ويجدر بالذكر أن ” فون ستوري” ليست هي اللعبة الوحيدة التي أخرجتها شركة موليندوستريا. مهندسو البرمجة الإلكترونية في الشركة أخرجوا قبلها سلسلة من الألعاب الراديكالية (Radical Games) على حد تعبيرهم، والتي تعنى معظمها بقضايا اجتماعية وسياسية كبرى من بينها: انتهاكات شركات النفط الكبرى أو فضائح الكنيسة الكاثوليكية في ما يتعلق بالاعتداءات الجنسية على الأطفال.