طريق الراحة أخطر مما يبدو عليه, لأنه حالما نذهب إليه لا نضمن العودة!
تأخذ دقائق لترتاح من المذاكرة وقد لا ترى الكتاب إلا ليلة الامتحان. وتأخذ إجازة عن الجامعة وقد لا تعود (لذا تأجيل الجامعة لسنة, كثيراً ما يكون خيار سيء), وتأخذ وقت لترتاح فيه عن تعلم شيء (لغة, دورة تعليمية, مهارة جديدة) وقد لا ترجع لتعلمها مرة أخرى.
خصوصاً مع الأشياء التي تكون أهميتها قابلة للشك وإعادة التفكير, كشيء لسنا ملزمين به من قبل طرف آخر, فمثلاً تأجل تعلم لغة اخترت تعلمها, في حين لا تؤجل دراسة لغة مطلوبة في منهج دراسي.
الراحة تزيد الإنتاج وقد تمحيه من الوجود. وتنعش الحماس وقد تطفيه. فعندما تقرأ كتاب ممتع, وتضعه جانباً لترتاح, قد لا ترجع مرة أخرى لقراءته.
الراحة مهمة في زيادة الإنتاج, وفي العبادات وفي الدراسة والعمل, لأننا نفتر وننسى ونمل ونتعب… ولكنها تأخذنا أحياناً إلى حيث لا نريد.
قد ينقلب الوضع فبدل أن تنعشنا للبدء بنظرة جديدة, نأنس بها فتصعب العودة للوضع السابق.
لماذا أحياناً عندما نسلك طريق الراحة لا نرجع؟
- نشعر بالأمان مع أنفسنا لذا نرتاح في تأجيل مواعيدنا, فنؤجل العودة ونستمر في الراحة. فنحن نظن أن مواعيدنا مع أنفسنا أقل أهمية -بإدراك منا أو لا- وقد لا نعتبرها مواعيد, وتبدو كل الأمور الأخرى أكثر أهمية.
- لا يوجد ردة فعل واضحة وحسية تدفعنا للعودة. صحيح أننا قد نتملص من المسؤوليات ولكننا نحصل على ردة فعل من الآخرين ونرى عواقب حسية تجعلنا نعود إليها. فتكون كتنبيه واضح لا نحصل عليه مع الواجبات التي نخبر أنفسنا بأهميتها.
- في وقت الراحة نكون مشغولين بنشاطات الراحة. (تلفاز, رحلة, ألعاب…) فلا نفكر -أو نتجنب التفكير- فيما سيأتي بعدها ومتى يجب التوقف.
- خلال إغراءات الراحة نعيد التفكير في أهمية الأمر, فنتساءل: هل يستحق الأمر أصلاً؟ ربما لا نحتاج إليه… ونقلل من أهمية مقدار الجزئية الباقية من المذاكرة أو أهمية الجامعة… فتبعد نقطة الرجعة.
- لأن كثرة التأجيل تطفئ الحماس والتشوق, كثرة التفكير في شيء تجعله معتاد وممل وتذهب لمعة الحماس فيه, فيكون ما عزمت عليه (مثل تعلم شيء جديد) قديم وتحتاج إلى شحن الحماس مرة أخرى. فتزيد مسافة عدم الرجعة…
- وقت الراحة يكون وسيلة للهروب. هروب من البدء في مشروع لا تعلم عنه الكثير, أو مذاكرة مادة صعبة…
- لا ندفع أنفسنا كفاية. حتى نعود إلى الوضع السابق وننجز.
- لأن العودة بعد فترة راحة طويلة مخيفة. فالأمور قد تتغير, مما يجعل التردد في العودة أكبر. وربما ننسى ونخاف النسيان.
حتى لا تكون الإجازة تقاعد
الاقتراحات التالية بعضها يساعد في أخذ فترة راحة في الأمور الكبيرة مثل إجازة عمل أو شيء تأجيل الجامعة حتى ترتاح قليلاً وترتب أمورك, والأمور الأصغر مثل الامتحانات والمهارات التي نسعى لتعلمها.
- ارتاح بأشياء لا تنسيك العالم من حولك كثيراً: لا تختار قضاء وقت راحة بلعبة فيديو مثلاً فهي تشدك إليها وتقضي بدل النصف ساعة, ساعات; في وقت يكون فيه صوت العزيمة غير مسموع. ونفس الشيء مع الإنترنت.
اقرأ كتاب بدلاً من مشاهدة التلفاز أو متابعة فيلم, فالكتاب يمل أسرع من التلفاز, وثم تعود إلى ما كنت تفعله, تمشى قليلاً بدل الذهاب لمركز تجاري فستجد أمور هناك تشغلك. ارتاح بأشياء لا تستطيع الغوص فيها وتأخذ الكثير من وقتك.
- قيس الوقت جيداً, كم لديك من الوقت؟: تساءل: كم يوم وكم ساعة بقيت حتى موعد التسليم أو موعد الامتحان…؟ حتى تعرف الوقت الذي تستحق قضاءه في الراحة, فيتحرك الإنذار في داخلك لو اقترب الموعد. ولا تقلق وتوتر دون وجود سبب.
- جد هدف مقنع للأيام السوداء: راحة زائد امتحان لتحسين الدرجات -مثلاً- يساوي تأجيل الامتحان وعدم خضوعه, لأننا قد نفكر لا نحتاج إليه, ودرجاتنا تكفي. ولكن امتحان كبير مهما فكرنا وماطلنا نجد سبب ضخم يسد الطريق. لذا لقطع فترة الراحة والتوجه نحو الفعل; جد دافع مقنع وقوي.
- لا تحلل الأمور وتفكر زيادة عن اللزوم: فقط قم من مكانك وأنهي فترة الراحة والإجازة واتجه للإنتاج والخروج بشيء.
- ركز في الإنجازات التي أخذت الإجازة والراحة من أجلها: فلو أخذت إجازة ووقت لتفكر في قرار, لا تشغل نفسك عن التفكير بوسائل الترفيه.
- لا تؤجل كثيراً: كثرة التأجيل مع الأمور التي اخترت فعلها تزيل الرغبة والحماسوالتي تكون ركيزة خياراتنا, فنمل منه لأنه أصبح قديم ومجرد هم آخر, فتفكر في شيء جديد غيره.
- هل تحتاج إلى الراحة حقاً؟: أو فقط تتهرب من عمل لأنك لا تعلم ماذا تفعل ومهموم؟ وكلما تتخيل إنجاز العمل ترى شيء يجلب لك ضغط وتوتر؟ إن كان هذا الوضع ستكون الراحة جزء من عملية المماطلة. وربما تحتاج راحة, ولكن لا تحتاج وقت طويل كالذي حددته.
ليس لدي أي مشاكل شخصية مع الراحة (ربما قليلاً فقط), ولكن في غياب العزيمة والهدف الجيد من السهل أن نذهب معها في رحلة قصيرة أو رحلة تستمر طويلاً.
ما رأيكم, هل تجدون أن فترات الراحة أحياناً تطول أكثر مما أردتم, وهل يسبب ذلك مشكلة, كيف تتعاموا معها؟