فواصل

مير وزير ورحلة من صفوف طالبان إلى النخبة

حرب وقتل ودمار …. ومن بين كل هذه الدماء يضىء نور أمل جديد ، وقصة نجاح نمت تحت وطأة الحروب والقتال. فعندما بدأت حركة طالبان حملتها الدموية ضد النظام الجديد في أفغانستان في أواخر عام 2007، كان لأحد الشبان الأفغان من رواد الأعمال مواجهة حثيثة مع الموت.

فقد كان مير توماس وزير يساعد في ذلك الوقت في بناء طريق تموله الولايات المتحدة في محافظة باكتيكا المضطربة عندما شن مقاتلو طالبان هجوما على مركز المحافظة. وعندما رأى بأم عينه زخات من الرصاص وهي تقتل شرطيين، قفز وزير البالغ 23 عاما من العمر في ذلك الوقت إلى سيارته مسرعا إلى قاعدة أمريكية قريبة. وهناك وجد رب عمله الذي طمأنه وأمن له طائرة هيليكوبتر أخذته إلى مكان آمن.

ولكن كانت هناك مشكلة في البداية. فعندما وصل إلى بوابة قاعدة عسكرية أمريكية أخرى صرخ في وجهه حارس أفغاني يأمره بالوقوف. رفع وزير قميصه ببطئ لكي يظهر بأنه لا يحمل حزاما ناسفا. بعدها أظهر هوية تؤكد بأنه يعمل في المقاولات العسكرية. وعندما رأى الحارس الهوية اعتذر منه قائلا “آسف فقد ظننت بأنك عنصرا من عناصر طالبان”.

قابل وزير هذا الاعتذار بابتسامه شاكرا الحارس أدبه ليدخل بعد ذلك إلى القاعدة، متجنبا أن يخبر الحارس بأنه كان نصف محق.
ففي اليوم الذي ضربت به طائرات مدنية برجي مركز التجارة الدولي في نيويورك قبل عشر سنوات من هذا الوقت، كان وزير يشغل مكانه في الجبهة الأمامية في الحرب الأهلية بأفغانستان مقاتلا في صفوف حركة طالبان. وباعترافه هو فقد كان يرتدي زي الحركة بعمامته السوداء وتكسو وجهه لحية سوداء كثيفة مثلما كان يحمل بندقية كلاشنيكوف.

فقد كان وزير البالغ 17 عاما من العمر في ذلك الوقت يعمل طباخا وسائقا، وفي بعض الأحيان، مقاتلا في صفوف طالبان يخوض معارك ضارية ضد العدو اللدود للحركة وهو أحمد شاه مسعود الذي أغتاله تنظيم القاعدة بواسطة مفجر انتحاري قبل يومين من هجمات 11 سبتمبر 2011.
وعندما بلغت أنباء الهجوم على الولايات المتحدة عبر إذاعة البي بي سي، غطت الفرحة على وجه رفاق وقادة وزير من المقاتلين في طالبان. وعن ذلك يقول وزير “كانوا فرحين جدا. وكانوا يقولون: هذا شيء جيد يحدث للأمريكيين، دعوهم يأتون إلينا إن استطاعوا”.

غير أن وزير اليوم يختلف كثيرا في شكله وموقفه عن وزير الأمس. فهو الآن أملس اللحية. أما ملابس القتال التي كان يرتديها فقد نزعها ليستبدلاها الآن بملابس مدنية أنيقة مثلما استبدل البندقية بجهاز كمبيوتر لابتوب.

خلال السنوات العشر منذ ذلك الوقت وبقدر ما شهدت أفغانستان تغيرات وتطورات تاريخية مهمة، عمد وزير إلى احتضان أفغانستان في مرحلة ما بعد طالبان. فقد حصل على التعليم الجامعي وأصبحت لديه عائلة شابة وشركة مزدهرة في مجال الهندسة تعمل في عموم البلاد.
ومن مقر شركته في العاصمة الأفغانية كابول، يتفاوض وزير ذو الروح المرحة بشأن عقود الشركة ويتصفح شبكة الإنترنت ويتبادل النوادر مع زملائه.

تقول صحيفة الغارديان التي نشرت مؤخرا تحقيقا يدور حول حياة وأعمال وزير، إنه من باب المفارقة أن يأتي الجزء الأكبر من أعمال الشركة التي يمتلكها ويديرها وزير من العقود التابعة للحكومة الأمريكية. وتنقل الصحيفة عن وزير قوله “إن تغيرا كبيرا قد شهدته أفغانستان خلال السنوات العشر الماضية”، مضيفا وهو يؤشر على صدره قائلا “أحد هذه التغيرات هو أنا”.

تقول الصحيفة إن قصة مير – توماس – وزير، رائد الأعمال المشاريعي (entrepreneur) الشاب تحكي كيف غيرت السنوات العشر منذ هجمات 11 سبتمبر 2011 من حظوظ أفغانستان، حيث يختلط النزاع بالسياسات الأثنية وبالولاءات القبلية وبحركة الاقتصاد. فهي تظهر كيف ساهمت المعونات الغربية في إغناء بعض الأفغان ولكن ليس على درجة كافية. ومع تطلع الجيوش الغربية نحو الخروج من أفغانستات في عام 2014، تظهر قصة وزير كيف يمكن حتى لتلك المكاسب الهشة أن تتبدد.

حسبما يعترف وزير فإنه كان مقاتلا مترددا. ومثل عناصر حركة طالبان، فإن وزير ينحدر من أصول قبائل البشتون. غير أن وصول الحركة إلى كابول في أواخر التسعينات من القرن الماضي قد أدى إلى تدمير حياته. فقد أقدم نظام طالبان على اعتقال والده، الذي كان مسؤولا في جهاز مخابرات النظام الشيوعي السابق، وأصدر بحقه حكما بالإعدام.

لجأ وزير إلى بيع ما تمتلكه أسرته من أراض حتى يستطيع تقديم الرشوة إلى القاضي الذي أصدر الحكم، ليعمد الأخير إلى تخفيف الحكم إلى السجن لمدة عشرين عاما. وقد اضطر وزير إلى ترك المدرسة والبحث عن عمل لكي يعيل أسرته. غير أن الوظائف كانت شحيحة في العاصمة كابول الخاضعة لحكم طالبان. عندذاك عرض عليه أقاربه منفذا من هذه المحنة.

الالتحاق بطالبان:

ينحدر أهل والد وزير من مارغا، وهي قرية صغيرة تقع في أعماق محافظة باكتيكا الجبلية الجنوبية المحاذية لباكستان. ولا تبعد حدود المحافظة سوى بضعة أميال عن منطقة وزيرستان القبلية الباكستانية. وفي أواسط عام 2001 أرسل سكان قرية مارغا رسالة إلى وزير أخبروه فيها بأن حركة طالبان تضغط عليهم لتجهيزها بالمقاتلين وإذا قبل الانضمام إلى صفوف الحركة فإنه سيحصل على مكافأة مجزية. وقد قبل وزير بهذا العرض مبررا قبوله بالقول “لقد كنت بحاجة ماسة للمال”.

جرى إرسال وزير الذي لم يتعد عمره 17 ربيعا آنذاك إلى الجبهة الشمالية في محافظة تاخار، حيث قابل هناك رموزا ساطعة، بضمنهم بيت الله محسود، الذي أسس فيما بعد حركة طالبان في باكستان، وبيك محمد، وهو أحد قادة طالبان في وزيرستان والذي يصفه وزير بالقول “كان ودودا ومهتما بلعبة الكرة الطائرة”.

وفيما عدا ذلك وجد وزير بأن الحرب عملا بشعا. فقد خاض معارك شرسة ورأى أشياء تثير القرف. إذ فقد إبن عمه، الذي انضم إلى حركة طالبان معه، إحدى ساقيه نتيجة شضية قنبلة. وبعد أسابيع قليلة من هجمات 11 سبتمبر 2001 قرر وزير ترك القتال.

غير أن ترك طالبان والهروب من ساحة المعركة كان عبارة عن مغامرة تنطوي على مخاطر كبيرة. استقل وزير سيارة للأجرة مختبئا في صندوقها الخلفي عندما اقتربت من نقطة تفتيش عائدة لعناصر طالبان. وبعد أن وصل إلى مدينة قندز، شهد وزير عملية نقل جنود باكستانيين ومقاتلي تنظيم القاعدة جوا بواسطة طائرات هليكوبتر عسكرية باكستانية.
أخيرا، في أوائل أكتوبر 2001 استطاع وزير أن يجد له مقعدا في طائرة متوجهة إلى كابول. وعندما وجد في العاصمة بأن الاجتياح الأمريكي للبلاد كان يلوح في الأفق سارع وزير إلى عبور الحدود إلى وزيرستان في باكستان حيث اعتقد بأن المكان آمن. غير أن الحرب تبعته إلى هناك.
فقد عثر بيك محمد، الذي عبر هو الآخر الحدود إلى باكستان، على وزير في مدينة زانا، وهي إحدى المدن الكبيرة في وزيرستان. أمره محمد بالذهاب إلى جبال تورا بورا، حيث كان أسامة بن لادن يستعد هناك لمواجهة القوات الأمريكية. غير أن وزير ناشد محمد بأن يدعه يترك صفوف طالبان. وعن ذلك يقول “قلت له إنني أريد أن أكمل دراستي ولا أريد القتال”. ولدهشة وزير فقد وافق محمد على طلبه.

بعد عام من ذلك الوقت، تم إطلاق سراح والد وزير من السجن. وقد عادت أسرة وزير إلى كابول حيث بدأت العاصمة تشهد نهضة حقيقة على أنقاض حكم طالبان. في ذلك الوقت بدأت حياة التشرد التي عاشها وزير بالتحول.

فقد استأنف دراسته بحماسة منقطة النظير، ليتلقى دروسا تبدأ في الخامسة فجرا تضمنت اللغة الإنجليزية وعلوم الكمبيوتر. أثار وزير اهتمام أحد مدرسيه حيث عفى عنه تسديد رسوم الدراسة عندما استنفذ ما بحوزته من مال. وتنقل الصحيفة عن هشام علوي، وهو المدرس الذي كان يمتلك معهد دانيش للتعليم، قوله “كان وزير يقول دوما بأنه يريد أن يحصل على التعليم حتى ينهض بمستوى معيشة أسرته”. كما يقول علوي، الذي أصبح فيما بعد مسؤولا رفيعا في الأمم المتحدة، إنه لم تكن لديه أي معرفة بماضي الطالب اللامع وزير. كما لم يكن زملاء وزير، والعديد منهم ينحدرون من قبائل هزاره التي عانت الويل أثناء حكم طالبان، على علم بماضي زميلهم.

غير أن وزير أدرك بأنه كان يرفض الجزء الأكبر مما كانت طالبان تقاتل من أجله. فخلال الانتخابات الرئاسية الأولى في عام 2004، جاء وزير إلى مركز للاقتراع قبل الفجر ليصوت إلى الرئيس حميد كارزاي.

وبعد أن تخرج حاملا شهادة جامعية في الهندسة المدنية، انضم إلى حملة المعونات الغربية المزدهرة والمقدمة إلى أفغانستان. فقد كانت الولايات المتحدة تضخ مليارات الدولارات على بناء الطرق والمدارس ومشاريع البنية التحتية.

وقد حصل وزير على وظيفة تتمثل في تحليل التربة ونوعية مواد الأسفلت والكونكريت المستخدمة في تلك المشاريع. ومكنته وظيفته هذه من الحصول على أجور مجزية ارتفعت من 200 دولار شهريا إلى 600 دولار وإلى 1000 دولار. وبحلول الوقت الذي تعرض به إلى كمين نصبته طالبان في أواخر عام 2007، كان راتبه الشهري يصل إلى 2000 دولار. وعن ذلك يقول “أصبحت فرحا للغاية. فقد بدا الأمر غريبا بل وغير معقول بالنسبة لي”.
قبل سنوات قليلة من هذا الوقت، أقدم وزير على تأسيس شركته المختصة بتقديم خدمات البناء. وباعتبار هذه الشركة واحدة من حفنة صغيرة من شركات المقاولات الأفغانية الحاصلة على شهادة الخبرة التي تمنحها ألوية الهندسة التابعة للجيش الأمريكي، أصبحت الشركة تدير مشاريع في 17 محافظة بأفغانستان ولديها مكاتب في كابول وقندهار وتوظف 50 شخصا.

ويتمتع وزير الآن بالعديد من ميزات حياة النخبة الأفغانية الجديدة، بما في ذلك زيارات إلى دبي للاستجمام وسيارة جيب ذات دفع رباعي ورحلات للتسوق إلى مراكز التسوق الجديدة في البلاد. وقد أنجبت زوجته مولودا ثانيا في حين عاد والده للعمل مجددا في جهاز المخابرات.

تقول صحيفة الغارديان إن حظوظ وزير تعكس إلى حد بعيد حظوظ المدينة التي يعيش فيها. ففي الليل، أصبحت تلال كابول التي كان يعمها الضلام تلمع بالأضواء منذ إدخال خدمات الكهرباء بشكل منتظم قبل عدة سنوات. وأصبحت بنايات الفنادق والشقق المضيئة، التي يمتلك السياسيون الجزء الأكبر منها، تخترق عباب السماء وسط المدينة. وهناك الآن ما لا يقل عن ست رحلات جوية إلى دبي. وتتدفق أعداد متزايدة من الناس إلى العاصمة في كل يوم على أمل الحصول على حصة لهم من النجاح. ويعيش الآن نحو ربع الأفغان في المدن، مما يجعل البلاد الأسرع تمدينا في قارة آسيا، طبقا لتقرير صدر مؤخرا.

وإذا كان لوزير أن يكون رمزا للإمكانات الهائلة التي أصبحت أفغانستان تتمتع بها منذ الإطاحة بحركة طالبان، فإن حياته تعكس أيضا الإخفاقات التي تعرضت لها البلاد. فأثناء قيادته لسيارته وسط الفوضى المرورية في العاصمة كابول، يسعى جاهدا لتجنب الشحاذين ورجال الشرطة الساعين إلى الحصول على الرشاوي. وقد أصبح وزير نفسه يمثل لغزا للكثير من الأفغان الذين ما تزال الحياة بالنسبة لهم قصيرة وصعبة ويملؤها الفقر. فقد بات الرئيس حامد كرزاي، المعتكف في قصر الرئاسة الذي يتمتع بحماية مشددة، أقل شعبية. وتوحي عملية الإغتيال الأخيرة لأخيه أحمد والي بأنه يعاني من ضعف خطير. يقول فضل الله، وهو موظف حكومي باتت الحيرة تهيمن على تفكيره، “أعتقدنا بأن كرزاي هو الشخص الذي نحتاج إليه. فقد بدا لنا وكأنه يتكلم من قلبه”. إلا أنه يضيف قائلا وهو يهز رأسه “الآن بات الجميع يشعرون بالشيء نفسه ألا وهو أن الأوضاع لا تسير على ما يرام”.

وتشهد حركة التمرد التي تقودها طالبان تصاعدا ملحوظا. فقد كان شهر أغسطس من عام 2011 الأكثر دموية للقوات الأمريكية الموجودة في أفغانستان. إذ أخفت ما تسمى بـ “الحلقة الفولاذية” في كابول، وهي عبارة عن سلسلة من نقاط التفتيش والحواجز الكونكريتية داخل المدينة، في وقف هجمات طالبان على فندق الانتركونتينانتال ذي الخمس نجوم وعلى مكاتب المجلس البريطاني خلال فصل الصيف المنصرم.

وقد رأى وزير أثناء زياراته إلى مشاريع البناء في المحافظات الجنوبية حركة التمرد عن كثب وفي مناطق قريبة من العاصمة. ففي شهر فبراير الماضي، واجه كمين آخر ولكن هذه المرة في محافظة هيلمند. ففي طريق عودته من مهمة الكشف على مدرسة تم بناؤها بتمويل من الجيش الأمريكي درت عليه 20 ألف دولار، ظهر مقاتلو طالبان في الطريق. وقد قاموا بسحبه من سيارته وبضربه على رأسه ببنادقهم. وعن ذلك يقول وزير “كانوا يشتمونني بالقول ياغبي يا إبن بوش. وقد أجبتهمك بالقول: أنتم الأغبياء يا أبناء المخابرات الباكستانية”. وقد أخذ مقاتلو طالبان وزير إلى مجمع حيث كانوا يتجادلون بشأن ما إذا يتعين عليهم قتله. إلا أنه استطاع أن يجد مخرجا له بالتحدث بهدوء معهم.

ويأتي مقاولو الببناء الذين يتدفقون من مختلف أنحاء أفغانستان إلى مكتب الشركة التابعة لوزير في كابول بقصص مماثلة عن المشاكل التي يواجهونها. إذ يحرص محمود أحمدي من منظمة الإغاثة والتنمية الدولية على أن يخبر جيرانه في مدينة وارداك القريبة من كابول بأنه يعمل في قسم للبحوث الإسلامية وإلا فإنه سوف يلقى حتفه، حسبما يقول.

أما مدير مكتب الشركة فهو وتانيار، وهو مترجم سابق في الجيش البريطاني، ترك وظيفته السابقة بعد أن تعرض العديد من أصدقائه إلى القتل. إذ يقول “إن الأمر الآن خطر للغاية”. واعتمادا على الوقت الذي قضاه وهو يعمل في جبهة الحرب، فإنه يعتقد بأن 90% من الفلاحين البشتون يدعمون حركة طالبان. ويسار وتانيار القلق مما سيحث له في حالة عودة حركة طالبان إلى السلطة. إذ يقول “إن المترجمين سيكونون من أوائل الناس الذين سيأتون إليهم”.

مرحلة الانتقال:

مثل هذه المخاوف، وسواء كانت حقيقية أم وهمية، أصبحت منتشرة. فبعد سنوات من طرح السياسات العديدة التي تتغير بتغير المواسم، مرة الحرب ضد المخدرات، ومرة الحرب ضد الفساد، أصبح لدى المسؤولين الغربيين هدف واحد يتمثل في إنجاز “مرحلة الانتقال”.
إذ من المنتظر أن يغادر الجزء الأكبر من الجيوش الأجنبية أفغانستان بحلول عام 2014. وقد أصبح الدبلوماسيون يتحدثون عن ضرورة الحديث مع طالبان. فما الذي سيحدث بعد ذلك؟ فيما بين الأفغان هناك حديث عن سيناريوهات مظلمة منها عودة الأصوليين إلى الحكم ومنها تدهور الأوضاع لتفضي إلى حرب أهلية جديدة وأخرى عن انهيار حكومة كرزاي.

غير أن مسؤولين غربيين يؤكدون على أنهم سيحتفظون بقوة عسكرية كبيرة من أجل دعم الحكومة الديمقراطية. إذ يشير البعض منهم إلى أن 25 ألف جندي أمريكي سيبقون في البلاد. ويتوقع أن تصل حجم المعونات الدولية المقدمة من الدول المانحة بهدف دعم الجيش الأفغاني إلى 7.5 مليار دولار خلال العام الحالي، وهو مبلغ يعادل مجمل قيمة اقتصاد البلاد. وتشير بعض التقديرات إلى أن أفغانستان ستظل بحاجة إلى ما لا يقل عن نصف هذا المبلغ في عام 2014.

ومع ذلك فإن طبيعة مرحلة الانتقال ستكون أوضح خلال العام القادم. إلا أن ما هو مؤكد، وبعد عقد من التعهدات المجزية، هو أن المثال الغربي المرسوم لأفغانستان قد جرى التخلي عنه وتقليصه إلى أدنى حد. وحسب أحد المحللين فإنه “وبدلا من جعل أفغانستان نموذجا للمجتمع الديمقراطي، فإن على الغرب أن يستغل السنوات المتبقية لكي يجد له مخرجا”.

يقول علوي المدرس السابق “إن الأفغان اعتادوا على غياب الأمن. فإذا ما تعرض المرء إلى إنفجار قنبله أثناء ذهابه إلى عمله فإن الأمر لا يعدوا أن يكون سوى حظ سيء. إلا أن ما يقلقهم هو غياب الاستقرار وإمكانية أن يخسروا ما حصلوا عليه”.

وحتى مقاتلو طالبان السابقين أصبحوا يتهيئون لما ستسفر عنه السنوات القليلة القادمة. إذ أن أبناء عمومة وزير من قرية مارغا القريبة من الحدود الباكستانية، قد انضموا إلى طالبان وتعهدوا بقتله. يقول وزير “يقولون عني بأنني لست سوى كافرا وعميلا أمريكيا”. ويذكر أيضا أن كبار القادة في أفغانستان يرسلون رسائل له، من أرقام هواتف باكستانية، يبتزونه من خلالها ويطلبون منه أن يدفع المال لهم. ويدرك وزير بأن تدفق المعونات الأمريكية يمكن أن يتوقف قريبا. أما جواد، وهو شريك لوزير في العمل، فيقول إنهم أصبحوا يتطلعون لأعمال أخرى مثل العثور على خطوط للشحن إلى الصين.

بيد أن الأولوية لدى وزير الآن هو إخراج عائلته من البلاد. إذ يقول “لا أستطيع أن أعيش حرا وأنا على هذه الحال”. ويفكر وزير كثيرا بأبنته المولودة حديثا والتي يريد لها أن تتعلم. إلا أنه لا يرى إمكانية ذلك في كابول وخصوصا في الوقت الحاضر. إذ يقول “أريد لها أن تصبح طبيبة، لكن الأوضاع هنا خطرة للغاية. أريد فرصة جديدة واعتقد بأن هذه الفرصة ليست موجودة سوى خارج أفغانستان”.

مقالات ذات صلة

اضف رد