فواصل

فريق عمل بمقاييس واحدة..تجارب ونتائج

لا تدع صفة مشتركة تغلب على فريق عملك

قد تبدو مقالتي هذه لأول وهلة شكوى لا عائد ينتظر منها، لكني في ختامها ألخص غرضي من سردي لكل ما سيأتي، وأبدأ بقصة البناية التي أسكن بها حاليا، حيث تتكون من 4 بنايات موصولة معا، بما مجموعه 256 شقة، ثلثاها سعتها غرفة وصالة، بينما البقية غرفتين وصالة، وتتميز بموقعها الحيوي إذ تتوسط إمارة دبي، ولأن عدد الشقق كبير، تتعهد شركة وساطة عقارية بمتابعة شؤون المستأجرين.

حتى عينت هذه الشركة موظفا من جنسية ما منذ بضع سنين، أوكلت إليه تنظيم شؤون هذه البناية الكبيرة، وتميز هذا الموظف بشدته عند المقاولة، إذ كان يزيد السعر في أي خدمة، سواء كان قيمة إيجار أو إخلاء شقة قبل حلول موعد ذلك.

لأن عائلتي بفضل الله زاد عددها، استوجب ذلك الخروج من ذات الغرفة إلى ذات الغرفتين، ولأن الوقت وقت أزمة مالية، سألت صاحبنا عن سعر ذات الغرفتين عنده فأعطاني سعرا مبالغا فيه، ولأني من أنصار نظرية لا تبع رخيصا، قلت لا بأس، له أن يزيد في السعر، ولي أن أرفض وأرحل، وأنا دائما أحب التغيير والترحال، لأنه تذكير لي بأن الآخرة هي دار القرار، بينما الدنيا ترحال وسفر.

حتى جاء يوم، وبدون جهد مني، وجدت جاري يخبرني عن جارنا الجديد الذي انتقل إلى ذات الغرفتين التي كنت أسأل عن سعر مثيلتها، فوجدته يقول انظر، لقد رحل فلان وهو ما هو، وحل مكانه عائلة من ذات جنسية الموظف المسؤول عن البناية، وهل تعرف بكم أجرها له؟ بسعر أقل مما ندفع في ذات الغرفة، لقد تحريت الأمر بنفسي وهو أخبرني ذلك!

ثم جاء موعد تجديد عقد شقتي ذات الغرفة الواحدة، وإذا بعقد الإيجار يأتيني بسعر العام الماضي حين كانت الإيجارات في السماء، وهو أمر لم يعد مقبولا في الوقت الحالي، وعليه أبلغت هذا الموظف بأني لا أرغب في التجديد وشكرته على سنوات قضيتها في البناية بدون مشاكل.

ثم بعدها بأيام معدودات، وإذا بجار آخر انتقل حديثا نقابله في الطرقات، يخبرنا بسعر استئجاره لذات الغرفة، ووجدته مرة أخرى أرخص من السعر الذي أعطاه لي هذا الموظف مقابل تجديد عقد الإيجار.

نترك هذه القصة عند هذه النقطة، لأحكي عن تجربة مررت بها في وظيفة سابقة، إذ كنا نبحث عن مخرج فني ليصمم لنا صفحات مجلة ما، وكنا قبلها نتعامل مع عدة موظفين من جنسية واحدة، غلب عليهم التذمر وعدم الرضا براتبهم.

فقرر المدير التحول إلى جنسية أخرى، وبالفعل حصلنا على مخرج فلبيني مبدع، وكان في بداية عمله معنا آية في الأدب والرقة وإطاعة الأوامر، الأمر الذي جعل الإدارة تتشجع وتعين اثنين آخرين من جنسيته.

وما أن جاء الثالث، حتى انقلبت الصورة تماما، فبعد الرقة والأدب، حل محلها الصوت العالي والندية من الثلاثة، وبعد إطاعة الأوامر بدأت الردود الغاضبة تخرج مثل أنا مشغول أو هذه ليست مهمتي (هذه التجربة استمرت على مد أطول من عامين). الأمر ذاته تكرر في وظيفتي التالية.

- الآن، ما فائدة سرد مثل هذه القصص:

 أولا

نتحدث هنا في المدونة عن تشجيع بعضنا للانطلاق في تأسيس مشاريع تجارية جديدة، وهذه تستلزم التوظيف والتعيين، ومن التجارب التي ذكرتها منذ فقرات قليلة، أنصحك بألا تدع صفة مشتركة تغلب على فريق العاملين لديك، فلا يكونوا زملاء دراسة، أو أقارب، أو أصدقاء من قبل.

وإذا كنت في بلد تنتشر فيه جنسيات متعددة، فلا تدع جنسية واحدة تطغي وتسود، فهؤلاء وقتها ستزيد احتمالات انخفاض كفاءتهم لتتحول إلى تذمر وشكوى ودعوة للاتحاد ضد الإدارة.

وهنا يحضرني مثال فعلي من شركة مايكروسوفت في دبي، إذ تقوم عادة بتغيير مهام ومناصب غالبية العاملين بانتهاء كل سنة، فهذا كان مسؤولا عن بيع ويندوز العام السابق، في العام التالي تجده مسؤولا عن بيع أوفيس في قسم آخر، وهكذا دواليك.

ثانيا

مهما كنت تثق في موظف ما، احرص على مقابلة عملائك بدون علمه، واستعلم منهم عن شعورهم نحو شركتك ومستوى الخدمة التي يحصلون عليها، ولا تدع يوما حائطا يكبر بينك وبين عملائك، فهذه هي بداية النهاية لك، فالمبنى الذي سأرحل عنه، سبقني آخرون من جنسيات مغايرة للرحيل، وبدأت تطغى على سكانه الجنسية الواحدة، وهذا سعر إيجاره أرخص.

ثالثا

لا تفهم كلامي على أنه هجوم على جنسية بعينها، فالأمر ذاته سيتكرر مع المصريين الذي أتشرف بأني منهم، فالعلة ليست في جنسية ما، بل العلة الحقيقية في البشر أنفسهم، تفسرها النظريات النفسية التي راقبت سلوك الأقليات وسط الأغلبية، ولسنا هنا لتقديم معالجات وتحليلات نفسية، بل نتعرض إلى مشكلة ونقدم ما نراه من حلول لها.

أخيرا، هذه محاولة مني لعرض مشكلة وعرض حل لها، ولا أقول أن حلي هذا هو أفضل الحلول، ولا أن معالجتي هي أفضل المعالجات، لذا إذا كنت تملك حلولا أفضل، لماذا لا تكتب ذلك لنا؟ كذلك، هل مررت بتجارب مماثلة؟ لماذا لا تشاركنا بخبراتك العملية؟ (بدون تحامل أو تحيز).

من مدونة شبايك

مقالات ذات صلة

اضف رد